Adonis Diaries

Virago publishing House, Member of Royal Literature institution

كانون الأول ٢٠٢٢

سليمان الفرزلي (Suleiman Ferzli) posted on Fb

كارمن خليل

توفيت في لندن الناشرة والكاتبة اللبنانية الأصل الاسترالية الجنسية عن عمر ناهز ٨٤ عامًا (تموز ١٩٣٨ – تشرين أول ٢٠٢٢).

فقد ولدت في مدينة ملبورن الاسترالية من أب لبناني هو فردريك خليل وكان محاميًا، واستاذاً للأدب الفرنسي في جامعة ملبورن، ومن أم فرنسية مثقفة.

وكان جدها قد هاجر من لبنان الى استراليا في أعقاب الحرب الأهلية التي ضربت جبل لبنان في ستينات القرن السابع عشر، والمجازر التي تعرض لها موارنة الجبل.

وقد توفي والد كارمن بمرض عضال وهي في الثامنة من العمر، فسجلتها والدتها في مدرسة كاثوليكية داخلية للراهبات حيث نشأت في نفسها نزعة معادية للدين والخرافات الدينية، ثم انتقلت الى جامعة ملبورن حيث درست الأدب الإنكليزي والتاريخ الاسترالي،

فصدمت وهي تدرس هذا التاريخ بالجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها المستعمرون البيض ضد السكان الأصليين للبلاد. وهذا حملها تاليًا على مغادرة استراليا والانتقال الى بريطانيا في أواسط ستينات القرن، وعاشت متنقلة بين بريطانيا وفرنسا حيث كان لها بيت ريفي هناك.

وخلال إقامتها الطويلة في بريطانيا تركت أثراً ملموسًا في الحياة الأدبية والنسائية والسياسية، من خلال دار النشر التي أسستها في لندن باسم “فيراغو” لتشجيع الكاتبات من النساء على نشر إبداعاتهم التي لم تكن رائجة كثيرًا في دور النشر الذكورية الكبرى،

كما أسست شركة غايتها الترويج للكتب الجريئة، خصوصًا النسائية منها.

ومع أن كارمن قامت بوضع دراسة بحثية عن مسؤول مغمور في حكومة فيشي التابعة للاحتلال الألماني قام بدور غير انساني في تسليم المواطنين اليهود الى النازيين (لوي داركييه)، فإن اللوبي الصهيوني في نيويورك قام بتعطيل احتفال في القنصلية الفرنسية هناك بإطلاق كتاب لها من هناك، لأنها قامت بحملة ضد القمع الشرس الذي يمارسه الاسرائيليون ضد الفلسطينيين،

حيث قالت: “ان ما يؤلمني ان ترى ما حل بيهود فرنسا على يد النازيين، يمارسه يهود إسرائيل بحق الفلسطينيين”، كما أيدت قضايا عربية اخرى بعد الاحتلال الأميركي للعراق.

وكانت كارمن خليل عضوًا بارزًا في “الجمعية الملكية للآداب”، وقد ترأست تحرير دار مشهورة للنشر في لندن هي “تشاتو”، واشترطت على تلك الدار ان تنقل معها شركتها القديمة “فيراغو”.

وبلغني من بعض الزملاء إن كارمن خليل أهدت جميع بحوثها وكتاباتها، ووثائق حملتها السياسية ضد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، الى المكتبة البريطانية.

لكن أحدهم أشار الى أن كارمن أصيبت بسرطان الدم، في وقت عكفت فيه على القيام ببحث عن أصول عائلتها في لبنان، بغاية إصداره في كتاب. ويبدو ان هذا المشروع لم يكتمل أو بقي مخطوطًا ناقصًا، واذا صح ذلك فإنه جدير بالبحث عنه في أرشيف المكتبة البريطانية.

وعندما مررت بالكويت في عام ١٩٨٠ قمت بزيارة إلى زميل فلسطيني كان يعمل في جريدة “السياسة”، وهناك التقيت سيدة انكليزية لست أدري بأي صفة كانت تعمل هناك،

فعندما أبلغتها أنني مقيم في لندن، قالت لي: “لماذا لا تتعرف على صديقة لي تعمل في الحقل الأدبي والصحافي هي روزي بويكوت؟”. وأعطتني رقم هاتفها. وعندما عدت الى لندن اتصلت بها والتقينا لمدة ساعة، ولم أكن أعلم ان روزي بويكوت كانت شريكة كارمن خليل في تأسيس دار “فيراغو”،

لكن يبدو أنهما افترقتا في وقت من الأوقات، كما قرأت في الصحف البريطانية التي كتبت عن كارمن بعد وفاتها.

رحم الله كارمن خليل، ورحم كل لبناني ترك أثراً حميدًا في العالم، بعيدًا عن القاذورات السائدة اليوم في الوطن الأم.

See Translation