Adonis Diaries

Archive for May 5th, 2023

Suheil Monaymneh posted on Fb · 

إذا ماتت بيروت.. مات لبنان!..

بالوقائع التاريخية:

1. في التاسع من شهر محرم الحرام سنة 1222 هـ / آذار 1807 م نزلت عساكر الإنكليز في الإسكندرية وأمهلوا أهلها 24 ساعة للتسليم ، فلما انقضت المهلة ضربوهم بالقنابل والمدافع فاضطروا لطلب الأمان ودخل الإنكليز المدينة وعندما أعلم محمد علي باشا بالأمر سخط على أهل الإسكندرية وعلى شيخهم المسيري بحجة أنهم مكنوا الإنكليز من المدينة .

غادر الشيخ المسيري الإسكندرية الى طرابلس الشام فوصلها مع أكثر من ستين شخصاً من أتباعه وأقربائه كما ذكر هنري غيز قنصل فرنسا في طرابلس في أيلول 1807 م وأرسل محمد علي يطلب من بربر آغا إرسال الشيخ الى القاهرة فرفض بربر آغا بحجة أن الأهالي لن تسمح له بذلك .

ويبدو أن بربر آغا أوعز للشيخ المسيري بالسفر الى بيروت التي كانت في حينه قرية صغيرة بعيدة عن أعين الرقباء فانتقل الشيخ الى بيروت مع من معه وتوطن فيها فأكرمه أهلها ورحبوا بمن معه .وتصدر الشيخ المسيري للتدريس في الجامع العمري الكبير وتتلمذ على يديه الكثير من علمائها كمفتيها الشيخ عبد اللطيف فتح الله ومفتيها وقاضيها الشيخ أحمد الأغر ومحدثها الشيخ محمد الحوت والشيخ عبد الغني البنداق وغيرهم .

ومن الأرومة الإسكندرانية المذكورة عبد الفتاح آغا حمادة الشهير بفتيحه متسلم بيروت والذي كانت له ولأولاده فيها من الآثار ما يذكر ويشكر ، ومن الأرومة المذكورة أيضاً آل القاضي.

2. عندما وقعت الفتنة الطائفية فــي جبــل لبنان سنتين1840 و1860 م وجد البيارتة أن إخواناً لهم اضطروا للنزوح من الجبل الى بيروت فعملوا بما يمليه عليهم الواجب الإنساني على ما ذكره خليل الخوري في صحيفة حديقة الأخبار سنة 1860 م فقال حرفياً:

“لا يخفى أن كثيرين من فقراء النصارى في جبل لبنان قد التجأوا إلى بيروت منهزمين من نار الشرور التي ثارت في بلادهم ، فصادفوا كل مرحمة ومجابرة من أهالي المدينة ولا سيما أمة الإسلام الذين بذلوا لهم المساعدة العظيمة بإعطاء محلات للسكن وبتفريق الخبز وجمع الحسنات ، وكل ما يؤول لنفعهم مظهرين الغيرة التي هي من شعائر الإنسانية ،

وبذلك تمموا إكرام الغريب ونالوا الأجر عند الله والشكر عند الناس . وهنا نثني على جناب العلامة الشيخ محمد الحوت صاحب البر والفضل الشهير الذي لا يفتر عن الإنذار بالخير والصلاح حسبما انطوت عليه سريرته السليمة من محبة العموم وحب السلام .

كما أننا لا ننكر فضل العلامة الشيخ عبد الله خالد وجناب السيد عبد الله بيهم العيتاني رئيس مجلس التجارة وجناب السيد محمد البربير مع المتميزين من وجوه الإسلام الذين مارسوا أبهتهم بكل ما يوطد الألفة والمحبة بين الجميع”.

3. عندما وقعت الحرب بين الدولة العثمانية وروسيا في شبه جزيرة القرم ثم في البلقان وإثر تقدم الروس في الروملي (الأراضي العثمانية أوروبا) هاجر الكثير من أهالي تلك المناطق الى الأستانة فيما هاجر عدد كبير منهم الى بيروت ففي شباط سنة 1878م حضر منهم مائة وثلاثون شخصاً بالبابور النمساوي فأنزلوا في أحد خانات محلة المرفأ ثم تبع ذلك وصول ثمانمائة منهم أنزلوا في بعض جوامع المدينة .

وهرع البيارتة لجمع المساعدات المادية والعينية وكانت قد تألفت في بيروت قبل ذلك “جمعية عيال الرديف الخيرية” من السادة عبد القادر عبد الله بيهم ومحيي الدين عبد الفتاح حمادة وحسن محمد القاضي وعمر درويش الغزاوي وزين إبن الشيخ عبد الله سلام ،

فتولت هذه الجمعية أمر مساعدة النازحين وقــام محمد أياس بتوزيع كميات من الخبز وعدة أذرع من قماش الشيت والخام لكل عائلة وما يقتضي لخياطتها من مقصات وخيطان ، وكسا أرجل الجميع من الأولاد والنساء والرجال الحفاة وأحسن إليهم . كما قدم آل بيهم ثلاثين “بقجة” من ضمنها ألبسة جوخ وصوف وفرو متنوعة.

وازداد ورود المهاجرين من البلغار والجركس والبشناق وكان يموت منهم يومياً نحو خمسة أشخاص بسبب ما تعرضوا له اثناء الطريق . وفي آذار 1878 م شبّت النار في عرض البحر ببابور نمساوي كان يقل الف وخمسمائة مهاجر من الجركس توفي منهم حوالي خمسمائة قبل رسوه في مرفا بيروت .

وقد ذكر في حينه بأن عدد المهاجرين وصل في طرابلس الشام الى عشرة الآف شخص .

وبالنظر لازدياد عدد المهاجرين وسوء أوضاعهم ولا سيما بعد هطول الأمطار الغزيرة على الذين أقاموا في ساحة القشلة الهمايونية ( السراي الكبيرة اليوم ) فعمدت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت في أيلول 1878 م وكانت قد تأسست قبل ذلك بشهرين تقريباً ، الى تشكيل وفد من مؤسسيها ضم السادة محمود خرما وهاشم الجمال والشيخ طه النصولي الذين قابلوا قائد الموقع العسكري وطلبوا منه إعطاء الأمر بإيواء المهاجرين في الأماكن التي لا لزوم لها . فامر مأمور ما كان يعرف « بمأمور الأبواب « بأن يفتح للمهاجرين المخازن الفارغة ،

فاشتغل أعضاء الوفد المقاصدي بنقل المهاجرين إليها طيلة الليل . وكان الشيخ عبد الهادي النصولي قد جعل بعض بيته لضعفاء المهاجرين من النساء والأطفال.

4. في سنة 1882 م إثر فشل ثورة أحمد عرابي في مصر نفي عدد كبيرمن المصريين الى بيروت منهم الشيخ محمد عبده . وقد دوّن أحدهم وهو الشيخ محمد عبد الجواد القاياتي في كتابه “نفحة البشام في رحلة الشام” الحفاوة والتكريم اللذين لقيهما المصريون في بيروت .

ويشار الى أن السادة تويني وسرسق كانوا قد اشتروا بالمزاد العلني سراي بيروت القديمة فقاموا باستقبال المنفيين المصريين واسكنوهم في السراي لحين تدبير أمورهم.

5. استقبلت بيروت سنة 1892 م حوالي أربعماية شخص من بنغازي بليبيا هاجروا من بلادهم بسبب المجاعة وكان أكثرهم من العجزة والنساء والأطفال فتألفت لجنة من الأهالي راجعت شركة المرفأ كي تشغل لديها من يقدر على العمل .

وأحضر حسن الحلبوني الدمشقي المقيم في بيروت طعاماً للمهاجرين من الأرز واللحم وتبرع بتوزيع بشلك وقطعة خام لكل منهم . ودفعت اللجنة المشار إليها أجرة إنتقال تسعين شخصاً منهم رغبوا بالتوجه الى دمشق وعهدت الى عمر الجندي بتوزيع حرامات صوف وألبسة على الباقين والنظر بأمر إسكانهم بعد أن اتخذ بعضهم المصلى الواقع أمام ضريح حمدي باشا (الباشورة) سكناً لهم .

وتقرر في نظارة الداخلية ، بمسعى من اللجنة البيروتية ، أن يعطى مهاجرو بنغازي العاجزين عن الكسب في بيروت مساعدة نقدية بقيمة ستين بارة يومياً.

6. في سنة 1899 م وصل الى بيروت عدد من المهاجرين المغاربة انزلوا في الكرنتينا وحمل اليهم الحاج محيي الدين النصولي كمية من الزاد والثياب.

7. بين سنتي 1900 و 1911 م حصلت هجرة جزائرية باتجاه بلاد الشام كان من أسبابها قانون فصل الدين عن الدولة الذي أصدرته فرنسا سنة 1907 م وقانون التجنيد الإجباري وقد بلغ عدد المهاجرين الجزائريين في بلاد الشام 28500 شخصاً منهم ثلاثة الآف من تلمسان وحدها .

ولا تزال في بيروت من هؤلاء عائلات الجزائري والشريف والصولي والجزولي وبو عزة ونائل والهواري.

8. نزوح العائلات الفلسطينية بعد نكبة 1948 واستقبال بيروت لقسم كبير منهم وجدوا فيها موطناً ثانياً وسط أهل وأصحاب، وأصحاب الأيدي البيضاء في تقديم المعونة كثر ومعروفين.

9. حملات الإغاثة الداخلية للأشقاء في القرى الحدودية سنة 1996 وفتح البيروتيين لهم الأبواب في كل مناطقها خلال حرب تموز سنة 2006.

10. مأساة النازحين السوريين في أيامنا هذه وتنافس الجمعيات الأهلية والمؤسسات الدينية في بيروت بتقديم الدعم والعون لهم بكل أشكاله.

**

الخلاصة كلمة واحدة، هي “الحاضنة”. فلأسباب سوسيوـ سياسية معروفة لا تستطيع أية مدينة لبنانية أخرى أن تلعب هذا الدور، وإذا ماتت الحاضنة ضاع المستغيث في المجهول، وضاع بالتالي معه الوطن!

الصورة رسم يظهر فيه الأمير عبد القادر الجزائري في مرفأ بيروت يستقبل النازحين من الجبل خلال فتنة 1860 الطائفية.

المصادر:

الرئيسية: مقالات المؤرخ عبد اللطيف فاخوري “أيام بيروتية” و”أوراق بيروتية” لجريدة اللواء البيروتية.

مصادر أخرى:

بيروت في التاريخ والحضارة والعمران للشيخ طه الولي.

بيروت المحروسة للدكتور حسان حلاق.

تاريخ بيروت لسمير قصير

المطول في تاريخ بيروت للدكتور عصام شبارو.

مع تحياتي

#سهيل_منيمنة

May be an image of 3 people and text

adonis49

adonis49

adonis49

May 2023
M T W T F S S
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
293031  

Blog Stats

  • 1,521,929 hits

Enter your email address to subscribe to this blog and receive notifications of new posts by email.adonisbouh@gmail.com

Join 769 other subscribers
%d bloggers like this: