Posts Tagged ‘شوقي خيرالله’
Memoir of Kamal Nader: part 9
Posted by: adonis49 on: November 11, 2019
Memoir of Kamal Nader: part 9
ذكريات الجمر والرماد . 9 .
عندما صدر العفو العام عن القوميين خرجوا من السجون ما عدا الضباط الثلاثة الذين شاركوا بالانقلاب ، وهم الرفقاء فؤاد عوض ( كان برتبة نقيب وهو من بلدة عندقت في عكار ) وشوقي خيرالله ( وكان برتبة نقيب ايضاً وهو من بحمدون في جبل لبنان ) وعلي الحاج حسن ( وهو برتبة ملازم اول ومن بلدة شمسطار بالبقاع ) .
فقد اصرت قيادة الجيش اللبناني على عدم شمولهم بالعفو ، وهذا ما عرقل العملية عدة اسابيع إذ اصرت قيادة الحزب الموجودة داخل سجن القلعة وفي الخارج على ان يكون العفو للجميع او لا يكون بالمرة .
وامام اصرار الطرفين وتمسك كل منهما بموقفه بدا ان العفو قد تجمد وربما يطير المشروع ، وكانت تجري مداولات داخل السجن بين الضباط والامناء القياديين ، وهنا ابدى الضباط موقفاً نبيلاً ومناقبياً فترفعوا عن ذاتيتهم وقالوا بأنه لا يجوز حرمان رفقائنا من الحرية بسببنا ونحن كتب علينا ان نتحمل ،
وطلبوا ان تسير القيادة في مشروع العفو بدونهم ، وهكذا صدر العفو في منتصف شباط من العام 1969 كما اشرنا سابقاً وخرج المئات من القوميين وعادوا الى بيوتهم والى نشاطهم ،
وكان بينهم عدد من حملة الشهادات التي حصلوا عليها خلال فترة الاسر فمنهم من تخرج بدرجة بكالوريوس في المحاسبة ومنهم من دخل امياً فتعلم القراءة والكتابة وصار استاذاً بعد الحرية .
لقد تحول السجن الى مدرسة ومنتدى للفكر فكان الطلاب يزورون سجن القلعة ويلتقون بالامناء ويتناقشون معهم بامور الفكر والفلسفة والسياسة ، وبينهم من كان استاذا جامعياً قبل الانقلاب او دكتورا في الطب او مهندسا وصاحب اعمال تجارية .
وياما قرانا في ملحق جريدة النهار مقالات ثمينة بتوقيع ” سبع بولس حميدان ” اي الامين اسد الاشقر ، و “قيس الجردي”، اي الامين انعام رعد ، و ” نذير الشويري ” اي الامين الدكتور عبدالله سعاده .
خرج القوميون اذن وبقي الضباط الثلاثة في السجن ولم يطل الوقت حتى بادر النقيب فؤاد عوض الى الفرار من سجن القلعة بخطة مدبرة بدقة لكنها لا تخلو من الخطر ، فهو عندما وصل الى البوابة الاخيرة بعدما اجتاز الحواجز الداخلية ، تنبه اليه احد الحراس قلاحقه واطلق النار عليه مما اصابه في احدى قدميه وبات عاجزا عن الركض والسير فزحف واختبأ في جوار احد البيوت في حي القلعة براس بيروت الا ان قوات الشرطة والجيش التي طفرت تبحث عنه استطاعت ان تعثر عليه وكان ينزف من جرحه فاسعفوه الى المستشفى وعالجوه ثم اعادوه الى السجن وزادوا من القيود عليه وعلى تحركاته داخله .
ضج لبنان يومها بعمل فؤاد عوض وارتفعت امال القوميين ومعنوياتهم وبانهم لا ينامون على الضيم والظلم ، ثم انه لم يطل الوقت كثيراً حتى نجح الحزب القومي في استصدار عفو ملحق شمل عندئذٍ الضباط فخرجوا الى الحرية .
غير ان القدر كان بالمرصاد للرفيق الملازم علي الحاج حسن ، فقد اصابه الاسر والتعذيب بمرض في كليتيه وربما تحول الى سرطان ، وجرت له معالجات في مستشفى الجامعة الامريكية وكنا نذهب لنتبرع له بالدم وبما ملكت ايدينا من مال قليل ، ولما بدا ان حالته تستدعي علاجا متطورا اكثر تم ايفاده الى لندن ولكن المرض كان اقوى من كل المحاولات فوفّى عليٌ اجله المكتوب وارتقى شهيداً للواجب القومي فكان ذلك حزناً عميقا لنا وللكثير من الناس الذين عرفوه بدماثة اخلاقه وشجاعته وايمانه القومي ،
علماً بانه في تفاصيل الانقلاب كان مكلفاً بالتوجه على رأس مجموعة من القوميين يلبسون لباس الحرس الجمهوري الى القصر الرئاسي في صربا لاعتقال الرئيس فؤاد شهاب ، لكن المجموعة اصطدمت بالدبابات عند ممر نهر الكلب فوقع البعض منهم في الاسر وفر بعضٌ آخر ونجوا ،
وقد روى لي بعضهم قصصا عجيبة في كيفية نجاتهم من الاسر وكيف مشوا اميالاً طويلة في الجبال والوديان الى ان خرجوا من اطار الاراضي اللينانية .
وصل جثمان الشهيد علي الى مطار بيروت في ربيع العام 1970 ، وجرى له استقبال الابطال وفي اليوم التالي كانت حشود القوميين الاجتماعيين تغطي جزءاً من سهل البقاع في مشهد اذهل المراقبين والسلطات والسفارات الاجنبية والعربية ،
وطرحوا السؤال عن سر هذا الحزب الذي لما يخرج من تحت الضغوط والملاحقة بعد فمن اين جاء بهذه الاعداد الهائلة تمشي صفوفاً بديعة النظام بكل ترتيب وانضباط .
كان الامين ديب كردية وكيلاً لعميد الدفاع وهو الذي ينظم الصفوف ويعطي الاوامر بالتحرك او بالوقوف ، وكان مع قوة صوته يستعين بمذياع يدوي ، فتسير الصفوف بحركة نظامية وتتوقف بناء على امر منه دفعة واحدة .
اما نحن الذين كنا بعيدين عنه وعن مركز اللاحتفال ولم نكن نسمع صوته فكنا ننظر الى الرتل الذي قبلنا ونفعل مثلما يفعلون .
ولا ننسى بشير عبيد وهو يلقي الخطب والاشعار ، وصوته يملأ السهل وربى شمسطار الخضراء ، وبشير كان عميدا للدفاع في العملية الانقلابية .
كما لا ننسى كلمة الرئيس الامين عبدالله سعاده ، التي رسمت خطة سير الحزب في تلك المرحلة وابرز ما قال فيها “ ادعوكم الى الجهاد والفداء ، والفداء كرّس نفسه شرطا لانتصاركل قضية عظيمة ” واضاف ” انني اذ اغتز بصفوفكم البديعة النظام فانني اريدها ان تصبح صفوفاً تمرست بالقتال والثورة .”
كان ذلك اعلاناً فاجأ السياسيين ورسم خطة الحزب للسنوات القادمة في وطن يغلي بالاضطرابات وبالثورة والكفاح المسلح ضد العدو الاسرائيلي والانظمة السياسية الرجعية البالية والفاسدة .
يطول الكلام عن تلك المرحلة ، وسنتابع في حلقات قادمة فالى اللقاء .