Posts Tagged ‘Euphrates’
Ecology wars: Clean quality air, rights of quality water sources, and war on Mega dams…
Posted by: adonis49 on: November 2, 2020
Ecology wars: Clean quality air, rights of quality water sources, and war on Mega dams…
USA has built many mega dams on the Colorado river to siphon water to Los Angeles. In the movie Chinatown, Cross built a dam to divert water in order to irrigate fruit trees and nut trees in dry regions: “If we cannot bring water to Los Angeles, we will bring the city to the water by extending city limit…”
China has been constructing Giga dams on the Yellow river, destroying vast ecosystems and threatening the debit of water to Mekong river that crosses Laos and Viet Nam. Millions of Chinese have been displaced. China has already built 98 dams so far
Turkey and Iran have been building mega dams on the Euphrates and Tigris Rivers that take their sources in the Toros (Turkey) and Zagros (Iran) Mountain chains.
Worse, Turkey has been consistent is claiming that the water is for Turkey and it has the right to deny Syria and Iraq any sustainable water debits.
The Euphrates and the Tigris cross Syria and Iraq for thousands of miles since antiquity.
Is Turkey planning to dry out the regions between the Euphrates and Tigris Rivers by 2040?
Turkey decided to build many gigantic dams on the sources of these rivers (400 km from the borders) and claims that it own these rivers. and is the sole country to control the debits of these rivers.
It France, the mandated power after WWI on Syria and Lebanon that failed its responsibility and allocated (gave away) more lands to Turkey that exceeded the current Syria land. Worse, instead of having the borders on the tip of the mountain chains, as is the international cases, France gave Turkey 400 km down the mountain chains of the Toros.
Is Turkey planning to dry out the regions between the Euphrates and Tigris Rivers by 2040?
Turkey decided to build many gigantic dams on the sources of these rivers (400 km from the borders) and claims that it own these rivers. and is the sole country to control the debits of these rivers.
The rivers Farah So and Murad So converge in Malata to form the Euphrates River that run for 442 km in Turkey before crossing Syria and Iraq for 2330 km.
The debit of the Euphrates is 32 Billion M3. 95% comes from the Toros Mountain, and 5% from the Khabur river.
The Tigris run 400 km in Turkey and crosses Iraq for 1900 km with 50 billion M3 and has many other sources such as Zab (Big and Small), the Azim and Diala.
58% are generated from the Toros Mountain, 12% from the Zagros Mountains (both in Turkey and Iran), and 30% from rivers in North Iraq.
Thus, 72% comes from Turkey, 7.5 from Iran and 20.5 from Syria and Iraq.

معدل تدفق المياه موسمي ويختلف من شهر الى شهر. بعد فصل الشتاء تذوب الثلوج من أعالي طوروس وتنحدر مياهها بغزارة الى دجلة والفرات بين شهري أذار وأيار، ومن ثم تشح تدريجياً حتى شهر تشرين الأول قبل البدء بالتصاعد ثانية (3). هذا التدفق الموسمي جعل دول النهر تبني السدود لتخزين المياه واستعمالها للري في موسمي الصيف والخريف الزراعيين ولتوليد الكهرباء.
المشاريع التركية:
فكرة استغلال مياه دجلة والفرات بدأت منذ أيام اتاتورك في العشرينات من القرن الماضي بعد ان رسمت معاهدة لوزان في 1923 الحدود السورية-العراقية مع تركيا وايران على منحدرات جبال طوروس وزغروس بدل أعالي هذه الجبال، كما ترسم الحدود الدولية عادة، مما أفقد سوريا والعراق السيطرة على دجلة والفرات وروافدهما وأصبحا تحت رحمة تركيا وإلى حد ما ايران.
في 1936 نضجت فكرة استغلال النهرين في تركيا بعد تاسيس ادارة الدراسات الكهربائية التي قدمت دراسة سد كيبان الذي نفذ في العام 1974 على الفرات.
هذه الدراسة تبعتها دراسات أوسع وأشمل بعد تأسيس “مشروع جنوب شرق الاناضول”(“غاب، GAP” كما يعرف عالمياً) الذي اقترح إنشاء 22 سداً و19 محطة توليد كهرباء لري 1,7 مليون هكتار وتوليد 7500 ميغاوات من الطاقة الكهربائية (4). كلفة المشروع قدرت بـ (31) مليار دولار أميركي، وستحتاج الى حوالي 17 مليار م3 من مياه الفرات و8 مليار م3 من مياه دجلة (5)وستسبب نقصاً حاداً في دول المصب وخاصة العراق.

أهم هذه المشاريع التي شملها “غاب” هو سد اتاتورك على الفرات الذي يعتبر خامس اكبر سد في العالم، والذي انتهى العمل فيه في العام 1990، ويروي 872,4 الف هكتار ويولد 2400 ميغاوات من الطاقة في تركيا.
المشروع الآخر المهم هو منظومة سدي أليسو وجزرة على دجلة الذي سيخزن 10,4 مليار م3 لتوليد 1200 ميغاوات من الطاقة والذي سيروي 121,000 هكتار من الاراضي الحدودية التركية بكلفة 1,68$ مليار. بدا العمل بهذا المشروع في العام 2006 لكنه توقف في كانون الاول 2008 بعد اعتراض الجمعيات البيئية والاجتماعية وضغطها على حكوماتها الالمانية والنمساوية والسويسرية التي ألغت في تموز 2009 الضمانات لتمويل المشروع.
أهم أسباب الالغاء هو تسبب بحيرة السد بفيضان قرية حسن كاييف الاثرية واجبار 10000 من السكان المحليين على هجرة منازلهم (6).
رغم وقف التمويل الخارجي فتركيا أصرت على اكمال المشروع وانتهى العمل بالمشروع وبدأ التخزين في تموز 2019 ووصل الى 5 مليار م3 في نيسان 2020.
أمام هذا الواقع أصبحت تركيا مسيطرة على أعظم مصدري مياه للمشرق السوري-العراقي ومؤهلة لبسط نفوذها الاقتصادي والسياسي على المنطقة.
القانون الدولي:
دعا مؤتمر “استعمال المياه الجارية الدولية لغير الملاحة” في 1994 في المادة 5 و6 الى تقسيم المياه المشتركة بالتساوي والمنطق بين دول المصدر والمصب لضمان استمرارية النهر ومصالح الدول المتشاطئة. العوامل التي يجب الأخذ بها بعين الاعتبار لضمان المساوات هي العوامل المناخية والايكولوجية وحاجة البلدان الاجتماعية والاقتصادية والحاجات الانسانية للسكان الذين يعتمدون على الحوض.
كذلك دعا المؤتمر في المادة 7 الى عدم قيام أية دولة بأية مشاريع مائية تسبب الاذى بدول النهر الاخرى، وضرورة التشاور معها قبل بناء هذه المشاريع (7).
الجمعية العمومية للأمم المتحدة أقرت مسودة توصيات هذا المؤتمر في 1997 بالاجماع ما عدا ثلاث دول من بينها تركيا، ولكن لم تصادق عليها إلا 21 دولة من مجموع 35 دولة يجب أن تصادق عليها لكي تدخل في اطار الاتفاقات الدولية.
في 17 آب 2014 وبعد انتظار دام 17 سنة صادقت الدولة الخامسة والثلاثين على الاتفاقية وبذلك أصبحت الاتفاقية قيد العمل والتحكيم والمرجعية القانونية الدولية (17).
الموقف التركي:
تركيا رفضت هذا القانون الدولي لاتباعها استراتيجية تتلخص بشعار “البترول للعرب والمياه لتركيا”، وباعتبار نهري دجلة والفرات “نهران وطنيان تركيان”.
جاء ذلك في عدة تصاريح ومواقف اهمها تصريح لرئيس الوزراء تركت اوزال في العام 1988 حيث قال “ادعاء سوريا والعراق بحقوق في مياه تركيا (يقصد دجلة والفرات) هو شبيه بادعاء تركيا بحقوق في بترول سوريا والعراق. المياه امر سيادي ويحق لنا ان نفعل ما نشاء فيها، فهي ثروة تركية كما هو البترول ثروة عربية ولن نسمح بمشاركتنا ثروتنا المائية ولا نريد مشاركتهم ثروتهم النفطية”(8).
هذا الموقف لم يتغير عمليا بعد سيطرة حزب العدالة والتنمية ذي الميول الاسلامية إلاَّ في الشكل. المشاريع المائية سارت وتسير حسب خطة “غاب” المرسومة من العلمانيين ودون اي تنسيق مع دول الجوار،
فالرئيس التركي رجب طيب اوردغان دشن مشروع سد اليسو العملاق على نهر دجلة في آب 2006 وأكمل بناؤه بتمويل تركي، وبدأ التخزين في 2019.
المواقف كذلك لم تتغير في الجوهر فعندما كانت العلاقات جيدة مع سوريا رفض وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، تانر يلديز، في اجتماع مسؤولي البلدان الثلاثة في 3 أيلول 2009 في أنقرة توقيع اتفاق شامل وملزم، ووافق فقط وكجبرة خاطر على زيادة مؤقتة لكمية مياه الفرات المتدفقة الى سوريا إلى 520 م3 في الثانية لمدة شهرين، وادّعى ان تركيا تعطي “اكثر من التزاماتها”.
الجدير بالذكر ان تركيا تاريخيا ًتقاسمت المياه المشتركة مع جيرانها الاخرين فوقعت معاهدات مع روسيا في العام 1927 قسمت فيها استعمال المياه على أربعة أنهر مشتركة بين البلدين (كورو، كورا، اريا، اراس)، ومن ثم وقعت معاهدات اخرى في السبعينات. الشيئ نفسه تكرر مع اليونان في العام 1950 عندما وقع البلدان معاهدة لوزان.
عندما يسال الاتراك عن سبب عدم تكرار هذه المعاهدات مع جيرانهم المسلمين يقولون ان الانهر بين تركيا وروسيا واليونان هي انهر دولية لانها تفصل تركيا عن البلدين الآخرين، بينما دجلة والفرات نهران “عابران للحدود” ولا يشكلان حدوداً فاصلة!(9)، لذلك فهم يعتبرونهما نهرين تركيين، ويرفضون توقيع أية معاهدة طويلة المدى تلزمهم بنسبة معينة من المياه.
هذه البدعة التركية نقضها مؤتمر “استعمال المياه الجارية الدولية لغير الملاحة” التي صدقت على توصياته الامم المتحدة في 2014 وهي توضح انه “لا يوجد اي اختلاف جوهري حول مفهوم الانهار الدولية والانهار العابرة للحدود”.
الموقف الرسمي العراقي والسوري:
لمواجهة هذا الواقع حاولت حكومتا العراق وسوريا وقف العمل في هذه المشاريع المدمرة لشعوبها واقتصادها ولكن دون أية نتيجة مهمة حتى الآن.
عراق صدام حسين تفرغ في الثمانينات لحربه العبثية مع إيران التي عمقت خلافه مع سورية حافظ الاسد فاعتمد على تركيا اقتصاديا لتصدير النفط عبر المتوسط، ولم يكن في موقع يستطيع فيه مجابهة اي من المشاريع التركية.
وما كادت تنتهي حرب إيران، حتى شنَّ حرباً عبثية أخرى على الكويت في التسعينات ادت الى اضعاف جيشه وفرض عقوبات قاسية همشت العراق كبلد، ومن ثم جاء الغزو الاميركي (2003) وتبعته الانقسامات المذهبية والعرقية التي شلت العراق كلياً وسمحت لتركيا بالاستمرار بمشاريعها دون اي مقاومة عراقية تذكر.
سوريا من جهتها حاولت منفردة مواجهة المارد التركي في الشمال المتحالف مع العدو الاسرائيلي في الجنوب.
في العام 1987 وقع البلدان “بروتوكولاً امنياً” حصلت سوريا بموجبه على وعد تركي بضخ 500م3\الثانية من الفرات في مقابل الأمن على الحدود بين البلدين. هذا الوعد لم يكن كل ما تريده سوريا التي سعت الى اتفاق ملزم ومع ذلك فالرئيس التركي، سليمان ديميريل، حاول التهرب من “الوعد” بقوله إنَّ “القرار التركي باعطاء سوريا 500 م3 كان عشوائيا”.
هذا الاتفاق خاضع للمزاج التركي ففي 1990 قطعت تركيا مياه الفرات عن دول المصب لمدة شهر لتعبئة بحيرة أتاتورك، فزادت سوريا دعمها لحزب العمال الكردستاني الذي حاول تخريب بعض السدود وتاخير العمل في بعض المشاريع.
هذه الاستراتيجية السورية لم تنجح على المدى البعيد وأًجْبرت سوريا على ترحيل عبدالله اوجلان، زعيم حزب العمال، لتفادي حرب غير متوازنة مع تركيا في العام 1998. سوريا ايضا حصلت على بعض الدعم العربي عبر الجامعة العربية في التسعينات لكن دون اي تاثير يذكر على المشاريع التركية.
بعد تسلم الرئيس بشار الاسد الحكم في سوريا وغزو اميركا للعراق في العام 2003، وجدت سوريا نفسها مطوقة من كل الجهات ومهددة بعدوى التقسيم الطائفي والعرقي السائد في العراق، فبدأت بتمتين العلاقات السورية التركية ووقعت في العام 2004 اتفاقاً للتبادل التجاري الحر،
وتبعها تاسيس مجلس استراتيجي والغاء تاشيرات الدخول بين البلدين حتى تخطى التبادل التجاري بين البلدين الملياري دولار في 2009، ولكن كل هذا لم يجدي نفعا في اجبار تركيا على توقيع اتفاق مائي ملزم.
بعد 2011 تدهورت العلاقات وانقطعت الاتصالات بسبب الدعم التركي للميليشات المسلحة في سوريا ووصلت الى حد المواجهة العسكرية المباشرة لكن المحدودة في ادلب العام الماضي. العراق من جهته طور علاقته الاقتصادية مع تركيا أيضا بإبرام معاهدة التبادل التجاري البالغة 16 مليار دولار في 2019 ويسعى البلدان الى ايصال التبادل التجاري الى 20 مليار في الاعوام القادمة!،
وجل ما حصل عليه العراق عندما لوح بإلغاء هذه المعاهدة، حسب السيد حسن الصفار معاون مدير المعهد الوطني في إدارة الموارد المائية في وزارة الموارد المائية، هو ادراج جملة في وثيقة المعاهدة تقول ” إن للعراق حقوقا في مياه نهري دجلة والفرات”.
بموازاة كل ذلك تستمر المشاريع المائية التركية حسب الخطة المرسومة والتي كان آخرها سد أليسو على دجلة، وتُنفد السدود المتبقية من مشروع “غاب” (5-10%) حسب الخطة المرسومة، وتزداد الكوارث الاقتصادية على الشعبين السوري والعراقي عام بعد عام.
النتائج على سوريا والعراق:
حوض الفرات:
نتيجة لخضوع “البروتوكول الأمني” الذي وعدت فيه تركيا الجانب السوري بضخ 500م3\الثانية لسوريا والعراق للمزاج والاعتبارات التركية السياسية والاقتصادية واعتماد مبدأ تامين حاجات تركيا المائية للري والطاقة أولاٍ وإطلاق المياه المتبقية أو الملوثة بعد الاستعمال للدول المتشاطئة ، يعاني حوض الفرات في سوريا والعراق من حالة يمكن وصفها بالموت البطيء الذي يؤدي تدريجياً الى كوارث اجتماعية واقتصادية جمة.
خلال صيف 2008 الجاف وبسبب استخدام مياه السدود لري الأراضي التركية اولاً، هددت المجاعة 300 الف سوري على حوض الفرات بسبب قلة الامطار ونضب مياه الفرات (11)، ففقدوا أراضيهم الزراعية ونزح قسم كبير منهم الى مخيمات بؤس في حلب ودمشق ومدن الساحل.
خلال الصيف الماضي بدأت تركيا بخفض كميات المياه القادمة إلى سوريا الى “أقل من ربع الكمية المتفق عليها” أي 125 م3\ثانية حسب إدارة سد تشرين (ثاني أكبر السدود على نهر الفرات في سوريا) وأضافت الإدارة أن ذلك “سينعكس مباشرة على الثروة البيئية والمنتجات الزراعية وبالتالي سيترك أثره بشكل مباشر على اقتصاد المجتمع ويهدد الأمن الغذائي العام للمواطن”.
بالإضافة الى ذلك، فقد وجدت مدينة الحسكة نفسها أمام مخاطر العطش في شهر آب الماضي بعدما أقدمت تركيا على إيقاف ضخ المياه من محطة علوك (في ريف مدينة رأس العين التي تحتلها تركيا) لأسباب سياسية وهددت نحو مليون شخص بالعطش (18).

وضع حوض الفرات في العراق ليس بأفضل حال فهو امتداد للوضع في سوريا. خلال الفترة بين 1990 و2008 وبعد التفاهم السوري-العراقي على ان تكون حصة العراق 60% من 500 م3 (أي 300 م3 في الثانية) المتدفقة من الحدود التركية، انخفض تدفق المياه الى العراق بنسبة 50% من 18مليار م3الى 9 مليار م3
يمكن اختصار الاضرار التي تلحق بالعراق بما يلي:
- ان نقصان كل مليار م3 من المياه يؤدي تقريبا الى نقصان 260 ألف دونم ولذلك كادت خسارة 9 مليار م3 من المياه ان تؤدي إلى أن يخسر العراق 2,34 مليون دونم (5850 كلم2) من الأراضي الزراعية بعد تشغيل سد أتاتورك في 1990 لولا تعويض المياه المحجوبة من بحيرة الثرثار المالحة التي قلصت الخسارة الى 1,3 دونم تقريبا (19).
- الجدير بالذكر ان مخزون الثرثار لم يدم طويلا حسب عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار بالبرلمان علي البديري الذي حذر في تموز الماضي من كارثة مائية في المحافظات الجنوبية وقال بان “مستوى المياه اليوم خاصة في نهر الفرات هو دون النصف من مستواه الحقيقي، كما أن الاعتماد الآن بالدرجة الأساس على مخزون حوض الثرثار وبنسبة تصل إلى 50% من الاستهلاك اليومي للمياه، ما يعنى أن هذا الخزان لن يكفينا لفترة طويلة بحال بقاء الوضع على ما هو عليه”(21).
- بسبب قلة التصاريف التي تطلقها تركيا وتقلبها، تردت نوعية المياه الداخلة الى العراق نتيجة الملوحة والمياه الراجعة والسموم اذ بلغت معدلات الملوحة نسبة 1800 ملغ\لتر في 2009 بعد ان كانت بحدود 375 ملغم/ لتر عام 1987 (بينما المعدل الدولي المقبول هو 800 ملغ\لتر).
- بالإضافة الى الإضرار بالأراضي الزراعية فان ارتفاع ملوحة المياه ادى الى الاضرار بالمشاريع الصناعية ومشاريع تنقية واسالة مياه الشرب.
- في آب 2015 أطلقت محافظة ذي قار في جنوب العراق تحذيرا من تداعيات تلوث المياه الناجم عن انخفاض مناسيب نهر الفرات، وأشارت إلى ان أكثر من 35 قرية كبيرة في أهوار الناصرية لحقتها الأضرار من انحسار المياه (19).
- في 2018 حظرت الحكومة صناعة الأرز والذرة لكثرة استهلاكها للمياه “ولإعطاء الأولوية لمياه الشرب والصناعة والخضروات” مما دفع الكثير من المزارعين الى هجرة أراضيهم.
- الضرر الأكبر يصيب 7 محافظات جنوبية ، أي اكثر من 4000 قرية يسكنها أكثر من 5 مليون نسمة.
- ان شح المياه عن هؤلاء السكان سيضطرهم الى “ترك الزراعة والري والهجرة الى المدن والمراكز الحضرية الاخرى وما ينتج عنه من مشكلات اقتصادية واجتماعية وديموغرافية ونفسية تضع اعباء كثيرة على اقتصاديات البلد”(19) .
- خلال الصيف الفائت تعرض مربو الجاموس في محافظة ذي قار لخسائر مادية كبيرة خلال نتيجة تعرض قطعانهم للهلاك والأمراض مما اضطرهم إلى النزوح القسري من مناطقهم إلى المحافظات والمناطق المجاورة (19).
- تأثر محطات الطاقة الكهربائية في سد القادسية وغيرها نتيجة انخفاض منسوب المياه، حيث مجمل ما تنتجه هذه المحطات لا يشكل اكثر من 40% من مجموع حاجة العراق للطاقة الكهربائية.
حوض دجلة:
المصير الذي ينتظر نهر دجلة في العراق لن يكون افضل من توأمه الفرات أثناء وبعد تخزين سد اليسو ب10,4 مليار م3 لتوليد الطاقة وبعد تشييد سد جزرة ‘القاتل‘ (كما يصفه أهل العراق)، الذي يقع على بعد 45 كلم جنوب سد اليسو و20 كلم شمال الحدود السورية-العراقية، لري اكثر من 121,000 الف هكتار.
هذا المصير كادت بوادره تظهر في صيف 2019 بعد ان بدأت تركيا بتخزين المياه في بحيرة سد أليسو في تموز لولا السيول والامطار الغزيرة الغير-اعتيادية التي ملأت الخزانات والسدود العراقية شتاءً وأمنت التخزين الكافي للبلاد للاستفادة منه صيفاً.
الصيف الفائت اختلف الامر فقدّر خبير استراتيجيات وسياسات المياه في جامعة دهوك رمضان حمزة إن “مستوى المياه في نهر دجلة كان 600 م3 في الثانية، وبعد بناء تركيا سد إليسو انخفض الى ما بين 300 و320 م3 في الثانية” (22).
من الأرجح ان هذا المعدل من التدفق سيستمر الى ان تنتهي تركيا من تعبئة 5 مليار م3 المتبقية من طاقة السد ومن بناء سد الجزرة للعراق في 3-4 سنوات القادمة.
بعد الانتهاء من تعبئة سد أليسو وتشييد وتشغيل سد جزرة في 2024 تقريبا، يتوقع الخبراء ما يلي:
- حجب مياه النهر المتدفقة من تركيا بمعدل 7-8 مليار م3 سنويا أي 40% من تدفق النهر. الاخطر من كمية المياه المحتجبة هو تقلبها حسب الفصول واحتمال تدفقها بمستوى “التدفق البيئي (60 م3/ ثانية)” (رسم بياني-1) كحد اقصى او انقطاعها كليا عند الحدود التركية-السورية خلال اشهر الصيف بسبب ري 121 ألف هكتار من الاراضي التركية خلال هذه الأشهر (12).

- في دراسة بعنوان “نهر دجلة: التأثير الهيدرولوجي لسد إليسو على سد الموصل” قام بها مؤخرا “معهد النشر الرقمي المتعدد التخصصات”،MDPI، في باسيل، سويسرا في آذار 2020 (23)، قيّموا فيها أسوا الحالات التي يمكن ان يصل اليها سد الموصل فاستنتجوا التالي:
- سينخفض متوسط التدفق السنوي المتوقع إلى حوالي 119 م3/ ثانية أي انه سينخفض الى 22% من متوسط التدفق السنوي للثلاثين سنة الماضية (553 م3/ ثانية) الذي يظهره رسم بيان (1) ادناه. الجدير بالذكر ان معدل التدفق سيكون بمستوى او اقل من “التدفق البيئي (60 م3/ ثانية)” لمدة 5 شهور حسب رسم بيان (1)، وهذا عمليا سيخرج سد الموصل من الخدمة.
- سيبلغ معدل التدفق التراكمي للعام بأكمله في حوالي 4.6 مليار متر مكعب أي أكثر بقليل من ما يسمى بـ “المخزون الميت” في سد الموصل وتمثل 42% من طاقة تخزين السد التي تصل الى 11 مليار م3(21).

- انخفاضٍ كبير في إنتاج الطاقة الكهرومائية، بسبب تـأثر محطتي سـد الموصـل وسد سامراء، اللذان سيتعذر عليهما إمداد المصانع ومحطات ضخ المياه وبقية المؤسسات الأخرى بما تحتاجه مـن طاقـة ضـرورية لتشغيلها.
- ازدياد نسبة الملوحة في حوالي 600-700 الف هكتار من أجود الأراضي الزراعية وخاصة الشمالية، وزيادة الأراضي الجرداء المتصحرة بـ 3 ملايين دونم (7,500 كلم) (19) في الوسط والجنوب حسب الخبراء، سيتسبب بخروج 25-35% من الأراضي الزراعية من الخدمة.
- من الناحية الانسانية يقدر الخبراء ان نسبة قد تصل الى 5 ملايين عراقي ستضطر الى الهجرة الى المدن او الدول المجاورة طلبا للرزق بسبب شح مياه الشرب والتصحر.
- تتفاقم المسألة وتزداد سوءاً من جانب إيران التي تسيطر على 6 ملايين م3 (15%) من المياه المتدفقة للعراق حاليا، حيث تقوم بدورها ببناء السدود وتحويل الانهار الى داخل الاراضي الإيرانية على روافد دجلة في الشمال (الزاب الاصغر، ديالة) وعلى نهري الكارون والكلخ في الجنوب قرب شط العرب.
- الاحتمال الكبير لانهيار السدود التركية بفعل الزلازل فهناك علاقة سببية مؤكدة علميا بين وقوع الزلازل بسبب السدود العملاقة وبحيراتهاوعلاقة أخرى بين انهيار السدود بسبب الزلازل في المناطق الناشطة زلزاليا، حسب الخبير طلال بن علي محمد مختار، أستاذ علوم الجيوفيزياء في احدى الجامعات السعودية (24) .
نحو استراتيجية الأمن القومي المائي: (أفكار واقتراحات)
لا بد لنا من التساؤل: كيف سمحنا للامور أن تسوء الى هذه الدرجة، فيصبح أمننا المائي مهدداً بهذا الشكل ؟ ويهدد حياة الملايين من شعبنا معه؟ وهل ما يوحي بوقف هذا النزف ومواجهة هذا الخطر الوجودي على امتنا.؟
قبل عرض الخيارات المتوفرة لا بد من ان نذكر بما نبه له الاستراتيجي الاول في امتنا، عندما حذر في اوائل القرن الماضي من مخاطر عدم سيطرة “الامة السورية” على مصادر ثروتها وحدد حدودها الطبيعية بجبال طوروس وزغروس. انه الزعيم أنطون سعاده صاحب الفكر الفذ الذي اغتالته اعداماً السلطات اللبنانية والسورية في 8 تموز 1949.
اليوم في 2020، بعد 71 سنة على رحيله، ما زالت افكاره تشكل القاعدة التي يبنى عليها الانقاذ.
لا يمكن لسوريا والعراق مواجهة التهديد التركي بدون صياغة استراتيجية مائية-اقتصادية متكاملة. هذه الاستراتيجية لا تعني فقط تنسيق المواقف قبل اجتماع اللجنة التقنية للمياه بين الدول الثلاث (هذا اذا اجتمعت) او ‘البكاء‘ و‘الصراخ‘ في مواسم الجفاف بل تتعداها الى رسم خطة اقتصادية قانونية بيئية واعلامية شاملة للدفاع عن وجودنا وحقوقنا المائية.
أهم ما يمكن أن تشمله هذه الخطة ما يلي:
أولا: تمتين الروابط الاقتصادية بين سوريا والعراق ودول المشرق الاخرى عبر زيادة التبادل التجاري والتعاون في مشاريع الطاقة كتطوير خط انابيب النفط بين كركوك وبانياس وطرابلس.
ثانيا: انشاء مجلس اعلى للمياه بين البلدين للاشراف على وضع الخطط وتنفيذها والتفاوض مع تركيا كجسم واحد. هذا المجلس يمكن ان يستعين بكثير من الخبرات السورية والعراقية في الوطن والمهجر وان يشمل عدة لجان تقنية تضع الدراسات القانونية والبيئية والتاريخية والاعلامية التي تدعم القضية.
ثالثا: السعي عبر جامعة الدول العربية لقيام جبهة عربية فعالة للدفاع عن المياه العربية في الهلال الخصيب ووادي النيل، وذلك بربط اي تعاون اقتصادي عربي مع دول المصدر بحل مشكلة المياه. مصر هي الأخرى دولة مصب وهي تواجه نفس مشكلة العراق وسوريا مع دولة المصدر أثيوبيا بالنسبة لسد النهضة لذلك فالتنسيق والتحالف معها يخدم مصالح مصر ودول الهلال الخصيب.
رابعا: السعي بجدية للتوصل الى اتفاق على قسمة المياه والموارد الطبيعية الاخرى داخل العراق. ان معظم روافد دجلة (الزاب الاكبر والزاب الاصغر وديالة) تمر في شمال شرق العراق، وبناء اقليم كردستان السدود العملاقة كسد بخمة الذي يخزن أكثر من 10 مليار م3 من الزاب الأكبر قبل التوصل الى قانون لتوزيع المياه قد يؤدي الى صراع عرقي طويل على الفُتات.
قد يكون التوصل الى اتفاق صعب المنال لكثرة التدخلات الخارجية لكن ربما يُكتب له النجاح اذا ادرك الجميع وخاصة الاكراد ان البترول والغاز سينضبان خلال 50 سنة والصراع العرقي اذا حصل سيستنزف الجميع وبدون المياه لن يدوم شيء.
خامسا: البدء بحملة اعلامية كبيرة في دول المشرق لتوعية الشعب على المخاطر المحدقة به في حال موت دجلة والفرات. كذلك يجب التصدي لبعض التفاسير المغرضة للاحاديث النبوية التي تجعل الشعب يعتبر موت الفرات ودجلة ارادة الهية ولا يمكن التصدي لها. من هذه الاحاديث قول أبي هريرة: ” قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يحسِر الفرات عن جبل من ذهب))”
سادساَ: التعاون مع الجمعيات البيئية والاجتماعية العالمية التي تعارض المشاريع التركية على دجلة. هذه الجمعيات استطاعت ان تضغط على حكوماتها الاوروبية لقطع الدعم المادي عن مشروع اليسو فأوقف الاتحاد الاوروبي التمويل وجُمد العمل فيه منذ في 2008 كما ذكرنا سابقا لذلك يجب ان لا يستهان بقدراتها التجييرية.
سابعاَ: الاستشمار بالطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والهوائية داخليا والابتعاد تدريجيا عن استعمال السدود لتوليد الطاقة واستعمال المياه للري والحاجات الانسانية فقط.
توليد الطاقة يتطلب إطلاق مياه السد في مواعيد لا تتناسب بالضرورة مع متطلبات الري وقد يؤدي ذلك الى هدر للمياه. دول الخليح واسرائيل بدأت تستثمر في الطاقة الشمسية الآن، وسوريا والعراق يمكن ان يفعلا الشيئ ذاته فالمساحات الشاسعة والمناخ الحار يجعلان هذه الطاقة بديلاً عملياً للمياه واستثمار مربح على المدى البعيد.
ثامناَ: تحذير ومقاطعة الشركات الهندسية والبنوك الدولية اذا شاركت باي من المشاريع المائية غير المتفق عليها بين الدول المتشاطئة حسب القانون الدولي.
تاسعاَ: ربط التبادل التجاري مع تركيا بحل مشكلة المياه فليس من المنطق ان يتهجر شعبنا ويخسر اقتصادنا ملايين الدولارات بسبب قلة الماء ونكافئ الجاني بفتح اسواقنا له ليجني المليارات كل عام. عدم ربط التبادل التجاري بالأمن المائي، يشبه الى حد كبير ما فعلته السلطة الفلسطينية وعرب ما يسمى “الاعتدال” مع اسرائيل عندما قدموا التنازلات وتوقعوا بالمقابل ان تترحم اسرائيل وأميركا عليهم فتعيد الحقوق الفلسطينية المسلوبة، لكن الامور تدهورت عاماً بعد عام الى ان وصلنا الى صفقة القرن.
عاشراَ: حث الأمم المتحدة على القيام بدراسة ‘حيادية‘ حول ظاهرة وقوع الزلازل في منطقة جنوب شرقي تركيا، ومدى تأثير ذلك علـى سدود الميـاه المقامة فيها. أيضا يجب الضغط على الجانب التركي على عدم القيـام بـإملاء سد أليسو واتاتوك وغيرهما بكامل طاقتهم التخزينية قبل إتمام الأمم المتحدة لدراستها، وذلك خوفاً من إحتمـال تعرضـها لزلزال قوي قد يؤدي على الأرجح، حسب الخبراء، الى انهيارات وتصدعات في السدود وتكون عواقبها وخيمة على العراق (24).
احد عشر: اذا استمر الاتراك ببناء السدود وخاصة سد جزرة القاتل للعراق واستمر التعنت التركي برفض توقيع اي اتفاقات تلزمها على المدى البعيد، فلا بد من تقديم شكوى الى المؤسسات الدولية كمحكمة العدل الدولية ومجلس الامن.
ان توصيات مؤتمر” استعمال المياه الدولية لغير الملاحة” الذي صدقت عليه الامم المتحدة في 2014 تدعو للتوزيع العادل للمياه وعدم قيام اي دولة باي مشاريع مائية تسبب الاذى بدول النهرالاخرى.
الكاتب والباحث العراقي علاء اللامي تساءل بدهشة عن سبب عدم استعمال العراق لهذه الاتفاقية التي هي مئة بالمئة لصالحة وقال: ” أن هذه الاتفاقية الدولية النافذة تعتبر وبحق سلاحا فعالا ومرجعية رصينة وقوية يمكن للدولة العراقية استعمالها والاستناد إليها في دفاعها عن حقوق العراق المائية ومصالحة الحيوية والتي بلغت اليوم خيار الحياة أو الموت بالنسبة لشعب العراق” (17).
اثنا عشر: اذا لم نتفع كل هذه الخطوات فلن يكون للعراق وسوريا أي خيار غير قطع العلاقات بشكل كامل مع تركيا واعتبارها عدواً وبذلك استخدام الدولة والشعب لكل الوسائل المتاحة وعدم استثناء أي خيار مهما كان صعبا للدفاع عن الحضارة والتاريخ والوجود والمستقبل.
أمامنا فرصة وربما الاخيرة لمواجهة هذه الخطر الوجودي فإذا لم نكن بمستوى المسؤولية ونواجه شريعة الـ”غاب” التركية موحدين فنحن قادمون على مشاهد كثيرة من “الصيف الجاف” يتناحر فيها شعبنا على الفتات. هذا وعلى المدى البعيد سيؤدي الى نكبة لشعبنا في الشرق العراقي شبيهة بنكبة شعبنا في الجنوب الفلسطيني، وسيتحول هلالنا الخصيب الى هلال نضيب، يصبح فيه العراق واجزاء كبيرة من سورية امتداداً لصحراء الجزيرة العربية.
هذه ليست اقوالاً للترهيب، ففي تقريرين منفصلين للمنظمة الدولية للبحوث ولمنظمة المياه الاوروبية هذا العام استنتجوا فيهما موت نهري دجلة والفرات في العراق في العام 2040 بسبب السدود التركية (15).
كذلك فالعالم الياباني، أكيو كيتوه، من معهد متيولوجيكل للابحاث في اليابان، الذي يدرس تحولات الطقس وتأثير السدود التركية، توقع زوال “الهلال الخصيب القديم” في هذا القرن “والعملية قد بدأت” (16).
————————————————————————————————————————-
ملاحظة: هذا البحث كان قد وضعه سابقاً الباحث راجي سعد، تحت عنوان: من هلال خصيب إلى هلال نضيب، ثم عاد وحدّث معطياته مشكوراً لنشره على منصّة سيرجيل,
.
أهم هذه المشاريع التي شملها “غاب” هو سد اتاتورك على الفرات الذي يعتبر خامس اكبر سد في العالم، والذي انتهى العمل فيه في العام 1990، ويروي 872,4 الف هكتار ويولد 2400 ميغاوات من الطاقة في تركيا. المشروع الآخر المهم هو منظومة سدي أليسو وجزرة على دجلة الذي سيخزن 10,4 مليار م3 لتوليد 1200 ميغاوات من الطاقة والذي سيروي 121,000 هكتار من الاراضي الحدودية التركية بكلفة 1,68$ مليار. بدا العمل بهذا المشروع في العام 2006 لكنه توقف في كانون الاول 2008 بعد اعتراض الجمعيات البيئية والاجتماعية وضغطها على حكوماتها الالمانية والنمساوية والسويسرية التي ألغت في تموز 2009 الضمانات لتمويل المشروع. أهم أسباب الالغاء هو تسبب بحيرة السد بفيضان قرية حسن كاييف الاثرية واجبار 10000 من السكان المحليين على هجرة منازلهم (6). رغم وقف التمويل الخارجي فتركيا أصرت على اكمال المشروع وانتهى العمل بالمشروع وبدأ التخزين في تموز 2019 ووصل الى 5 مليار م3 في نيسان 2020. أمام هذا الواقع أصبحت تركيا مسيطرة على أعظم مصدري مياه للمشرق السوري-العراقي ومؤهلة لبسط نفوذها الاقتصادي والسياسي على المنطقة.
القانون الدولي:
دعا مؤتمر “استعمال المياه الجارية الدولية لغير الملاحة” في 1994 في المادة 5 و6 الى تقسيم المياه المشتركة بالتساوي والمنطق بين دول المصدر والمصب لضمان استمرارية النهر ومصالح الدول المتشاطئة. العوامل التي يجب الأخذ بها بعين الاعتبار لضمان المساوات هي العوامل المناخية والايكولوجية وحاجة البلدان الاجتماعية والاقتصادية والحاجات الانسانية للسكان الذين يعتمدون على الحوض. كذلك دعا المؤتمر في المادة 7 الى عدم قيام أية دولة بأية مشاريع مائية تسبب الاذى بدول النهر الاخرى، وضرورة التشاور معها قبل بناء هذه المشاريع (7). الجمعية العمومية للأمم المتحدة أقرت مسودة توصيات هذا المؤتمر في 1997 بالاجماع ما عدا ثلاث دول من بينها تركيا، ولكن لم تصادق عليها إلا 21 دولة من مجموع 35 دولة يجب أن تصادق عليها لكي تدخل في اطار الاتفاقات الدولية. في 17 آب 2014 وبعد انتظار دام 17 سنة صادقت الدولة الخامسة والثلاثين على الاتفاقية وبذلك أصبحت الاتفاقية قيد العمل والتحكيم والمرجعية القانونية الدولية (17).
الموقف التركي:
تركيا رفضت هذا القانون الدولي لاتباعها استراتيجية تتلخص بشعار “البترول للعرب والمياه لتركيا”، وباعتبار نهري دجلة والفرات “نهران وطنيان تركيان”. جاء ذلك في عدة تصاريح ومواقف اهمها تصريح لرئيس الوزراء تركت اوزال في العام 1988 حيث قال “ادعاء سوريا والعراق بحقوق في مياه تركيا (يقصد دجلة والفرات) هو شبيه بادعاء تركيا بحقوق في بترول سوريا والعراق. المياه امر سيادي ويحق لنا ان نفعل ما نشاء فيها، فهي ثروة تركية كما هو البترول ثروة عربية ولن نسمح بمشاركتنا ثروتنا المائية ولا نريد مشاركتهم ثروتهم النفطية”(8). هذا الموقف لم يتغير عمليا بعد سيطرة حزب العدالة والتنمية ذي الميول الاسلامية إلاَّ في الشكل. المشاريع المائية سارت وتسير حسب خطة “غاب” المرسومة من العلمانيين ودون اي تنسيق مع دول الجوار، فالرئيس التركي رجب طيب اوردغان دشن مشروع سد اليسو العملاق على نهر دجلة في آب 2006 وأكمل بناؤه بتمويل تركي، وبدأ التخزين في 2019. المواقف كذلك لم تتغير في الجوهر فعندما كانت العلاقات جيدة مع سوريا رفض وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، تانر يلديز، في اجتماع مسؤولي البلدان الثلاثة في 3 أيلول 2009 في أنقرة توقيع اتفاق شامل وملزم، ووافق فقط وكجبرة خاطر على زيادة مؤقتة لكمية مياه الفرات المتدفقة الى سوريا إلى 520 م3 في الثانية لمدة شهرين، وادّعى ان تركيا تعطي “اكثر من التزاماتها”.
الجدير بالذكر ان تركيا تاريخيا ًتقاسمت المياه المشتركة مع جيرانها الاخرين فوقعت معاهدات مع روسيا في العام 1927 قسمت فيها استعمال المياه على أربعة أنهر مشتركة بين البلدين (كورو، كورا، اريا، اراس)، ومن ثم وقعت معاهدات اخرى في السبعينات. الشيئ نفسه تكرر مع اليونان في العام 1950 عندما وقع البلدان معاهدة لوزان.
عندما يسال الاتراك عن سبب عدم تكرار هذه المعاهدات مع جيرانهم المسلمين يقولون ان الانهر بين تركيا وروسيا واليونان هي انهر دولية لانها تفصل تركيا عن البلدين الآخرين، بينما دجلة والفرات نهران “عابران للحدود” ولا يشكلان حدوداً فاصلة!(9)، لذلك فهم يعتبرونهما نهرين تركيين، ويرفضون توقيع أية معاهدة طويلة المدى تلزمهم بنسبة معينة من المياه. هذه البدعة التركية نقضها مؤتمر “استعمال المياه الجارية الدولية لغير الملاحة” التي صدقت على توصياته الامم المتحدة في 2014 وهي توضح انه “لا يوجد اي اختلاف جوهري حول مفهوم الانهار الدولية والانهار العابرة للحدود”.
الموقف الرسمي العراقي والسوري:
لمواجهة هذا الواقع حاولت حكومتا العراق وسوريا وقف العمل في هذه المشاريع المدمرة لشعوبها واقتصادها ولكن دون أية نتيجة مهمة حتى الآن. عراق صدام حسين تفرغ في الثمانينات لحربه العبثية مع إيران التي عمقت خلافه مع سورية حافظ الاسد فاعتمد على تركيا اقتصاديا لتصدير النفط عبر المتوسط، ولم يكن في موقع يستطيع فيه مجابهة اي من المشاريع التركية. وما كادت تنتهي حرب إيران، حتى شنَّ حرباً عبثية أخرى على الكويت في التسعينات ادت الى اضعاف جيشه وفرض عقوبات قاسية همشت العراق كبلد، ومن ثم جاء الغزو الاميركي (2003) وتبعته الانقسامات المذهبية والعرقية التي شلت العراق كلياً وسمحت لتركيا بالاستمرار بمشاريعها دون اي مقاومة عراقية تذكر.
سوريا من جهتها حاولت منفردة مواجهة المارد التركي في الشمال المتحالف مع العدو الاسرائيلي في الجنوب. في العام 1987 وقع البلدان “بروتوكولاً امنياً” حصلت سوريا بموجبه على وعد تركي بضخ 500م3\الثانية من الفرات في مقابل الأمن على الحدود بين البلدين. هذا الوعد لم يكن كل ما تريده سوريا التي سعت الى اتفاق ملزم ومع ذلك فالرئيس التركي، سليمان ديميريل، حاول التهرب من “الوعد” بقوله إنَّ “القرار التركي باعطاء سوريا 500 م3 كان عشوائيا”. هذا الاتفاق خاضع للمزاج التركي ففي 1990 قطعت تركيا مياه الفرات عن دول المصب لمدة شهر لتعبئة بحيرة أتاتورك، فزادت سوريا دعمها لحزب العمال الكردستاني الذي حاول تخريب بعض السدود وتاخير العمل في بعض المشاريع. هذه الاستراتيجية السورية لم تنجح على المدى البعيد وأًجْبرت سوريا على ترحيل عبدالله اوجلان، زعيم حزب العمال، لتفادي حرب غير متوازنة مع تركيا في العام 1998. سوريا ايضا حصلت على بعض الدعم العربي عبر الجامعة العربية في التسعينات لكن دون اي تاثير يذكر على المشاريع التركية.
بعد تسلم الرئيس بشار الاسد الحكم في سوريا وغزو اميركا للعراق في العام 2003، وجدت سوريا نفسها مطوقة من كل الجهات ومهددة بعدوى التقسيم الطائفي والعرقي السائد في العراق، فبدأت بتمتين العلاقات السورية التركية ووقعت في العام 2004 اتفاقاً للتبادل التجاري الحر، وتبعها تاسيس مجلس استراتيجي والغاء تاشيرات الدخول بين البلدين حتى تخطى التبادل التجاري بين البلدين الملياري دولار في 2009، ولكن كل هذا لم يجدي نفعا في اجبار تركيا على توقيع اتفاق مائي ملزم. بعد 2011 تدهورت العلاقات وانقطعت الاتصالات بسبب الدعم التركي للميليشات المسلحة في سوريا ووصلت الى حد المواجهة العسكرية المباشرة لكن المحدودة في ادلب العام الماضي. العراق من جهته طور علاقته الاقتصادية مع تركيا أيضا بإبرام معاهدة التبادل التجاري البالغة 16 مليار دولار في 2019 ويسعى البلدان الى ايصال التبادل التجاري الى 20 مليار في الاعوام القادمة!، وجل ما حصل عليه العراق عندما لوح بإلغاء هذه المعاهدة، حسب السيد حسن الصفار معاون مدير المعهد الوطني في إدارة الموارد المائية في وزارة الموارد المائية، هو ادراج جملة في وثيقة المعاهدة تقول ” إن للعراق حقوقا في مياه نهري دجلة والفرات”. بموازاة كل ذلك تستمر المشاريع المائية التركية حسب الخطة المرسومة والتي كان آخرها سد أليسو على دجلة، وتُنفد السدود المتبقية من مشروع “غاب” (5-10%) حسب الخطة المرسومة، وتزداد الكوارث الاقتصادية على الشعبين السوري والعراقي عام بعد عام.
النتائج على سوريا والعراق:
حوض الفرات:
نتيجة لخضوع “البروتوكول الأمني” الذي وعدت فيه تركيا الجانب السوري بضخ 500م3\الثانية لسوريا والعراق للمزاج والاعتبارات التركية السياسية والاقتصادية واعتماد مبدأ تامين حاجات تركيا المائية للري والطاقة أولاٍ وإطلاق المياه المتبقية أو الملوثة بعد الاستعمال للدول المتشاطئة ، يعاني حوض الفرات في سوريا والعراق من حالة يمكن وصفها بالموت البطيء الذي يؤدي تدريجياً الى كوارث اجتماعية واقتصادية جمة. خلال صيف 2008 الجاف وبسبب استخدام مياه السدود لري الأراضي التركية اولاً، هددت المجاعة 300 الف سوري على حوض الفرات بسبب قلة الامطار ونضب مياه الفرات (11)، ففقدوا أراضيهم الزراعية ونزح قسم كبير منهم الى مخيمات بؤس في حلب ودمشق ومدن الساحل. خلال الصيف الماضي بدأت تركيا بخفض كميات المياه القادمة إلى سوريا الى “أقل من ربع الكمية المتفق عليها” أي 125 م3\ثانية حسب إدارة سد تشرين (ثاني أكبر السدود على نهر الفرات في سوريا) وأضافت الإدارة أن ذلك “سينعكس مباشرة على الثروة البيئية والمنتجات الزراعية وبالتالي سيترك أثره بشكل مباشر على اقتصاد المجتمع ويهدد الأمن الغذائي العام للمواطن”. بالإضافة الى ذلك، فقد وجدت مدينة الحسكة نفسها أمام مخاطر العطش في شهر آب الماضي بعدما أقدمت تركيا على إيقاف ضخ المياه من محطة علوك (في ريف مدينة رأس العين التي تحتلها تركيا) لأسباب سياسية وهددت نحو مليون شخص بالعطش (18).

وضع حوض الفرات في العراق ليس بأفضل حال فهو امتداد للوضع في سوريا. خلال الفترة بين 1990 و2008 وبعد التفاهم السوري-العراقي على ان تكون حصة العراق 60% من 500 م3 (أي 300 م3 في الثانية) المتدفقة من الحدود التركية، انخفض تدفق المياه الى العراق بنسبة 50% من 18مليار م3الى 9 مليار م3
يمكن اختصار الاضرار التي تلحق بالعراق بما يلي:
- ان نقصان كل مليار م3 من المياه يؤدي تقريبا الى نقصان 260 ألف دونم ولذلك كادت خسارة 9 مليار م3 من المياه ان تؤدي إلى أن يخسر العراق 2,34 مليون دونم (5850 كلم2) من الأراضي الزراعية بعد تشغيل سد أتاتورك في 1990 لولا تعويض المياه المحجوبة من بحيرة الثرثار المالحة التي قلصت الخسارة الى 1,3 دونم تقريبا (19). الجدير بالذكر ان مخزون الثرثار لم يدم طويلا حسب عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار بالبرلمان علي البديري الذي حذر في تموز الماضي من كارثة مائية في المحافظات الجنوبية وقال بان “مستوى المياه اليوم خاصة في نهر الفرات هو دون النصف من مستواه الحقيقي، كما أن الاعتماد الآن بالدرجة الأساس على مخزون حوض الثرثار وبنسبة تصل إلى 50% من الاستهلاك اليومي للمياه، ما يعنى أن هذا الخزان لن يكفينا لفترة طويلة بحال بقاء الوضع على ما هو عليه”(21).
- بسبب قلة التصاريف التي تطلقها تركيا وتقلبها، تردت نوعية المياه الداخلة الى العراق نتيجة الملوحة والمياه الراجعة والسموم اذ بلغت معدلات الملوحة نسبة 1800 ملغ\لتر في 2009 بعد ان كانت بحدود 375 ملغم/ لتر عام 1987 (بينما المعدل الدولي المقبول هو 800 ملغ\لتر). بالإضافة الى الإضرار بالأراضي الزراعية فان ارتفاع ملوحة المياه ادى الى الاضرار بالمشاريع الصناعية ومشاريع تنقية واسالة مياه الشرب. في آب 2015 أطلقت محافظة ذي قار في جنوب العراق تحذيرا من تداعيات تلوث المياه الناجم عن انخفاض مناسيب نهر الفرات، وأشارت إلى ان أكثر من 35 قرية كبيرة في أهوار الناصرية لحقتها الأضرار من انحسار المياه (19).
- في 2018 حظرت الحكومة صناعة الأرز والذرة لكثرة استهلاكها للمياه “ولإعطاء الأولوية لمياه الشرب والصناعة والخضروات” مما دفع الكثير من المزارعين الى هجرة أراضيهم.
- الضرر الأكبر يصيب 7 محافظات جنوبية ، أي اكثر من 4000 قرية يسكنها أكثر من 5 مليون نسمة. ان شح المياه عن هؤلاء السكان سيضطرهم الى “ترك الزراعة والري والهجرة الى المدن والمراكز الحضرية الاخرى وما ينتج عنه من مشكلات اقتصادية واجتماعية وديموغرافية ونفسية تضع اعباء كثيرة على اقتصاديات البلد”(19) . خلال الصيف الفائت تعرض مربو الجاموس في محافظة ذي قار لخسائر مادية كبيرة خلال نتيجة تعرض قطعانهم للهلاك والأمراض مما اضطرهم إلى النزوح القسري من مناطقهم إلى المحافظات والمناطق المجاورة (19).
- تأثر محطات الطاقة الكهربائية في سد القادسية وغيرها نتيجة انخفاض منسوب المياه، حيث مجمل ما تنتجه هذه المحطات لا يشكل اكثر من 40% من مجموع حاجة العراق للطاقة الكهربائية.
حوض دجلة:
المصير الذي ينتظر نهر دجلة في العراق لن يكون افضل من توأمه الفرات أثناء وبعد تخزين سد اليسو ب10,4 مليار م3 لتوليد الطاقة وبعد تشييد سد جزرة ‘القاتل‘ (كما يصفه أهل العراق)، الذي يقع على بعد 45 كلم جنوب سد اليسو و20 كلم شمال الحدود السورية-العراقية، لري اكثر من 121,000 الف هكتار. هذا المصير كادت بوادره تظهر في صيف 2019 بعد ان بدأت تركيا بتخزين المياه في بحيرة سد أليسو في تموز لولا السيول والامطار الغزيرة الغير-اعتيادية التي ملأت الخزانات والسدود العراقية شتاءً وأمنت التخزين الكافي للبلاد للاستفادة منه صيفاً. الصيف الفائت اختلف الامر فقدّر خبير استراتيجيات وسياسات المياه في جامعة دهوك رمضان حمزة إن “مستوى المياه في نهر دجلة كان 600 م3 في الثانية، وبعد بناء تركيا سد إليسو انخفض الى ما بين 300 و320 م3 في الثانية” (22). من الأرجح ان هذا المعدل من التدفق سيستمر الى ان تنتهي تركيا من تعبئة 5 مليار م3 المتبقية من طاقة السد ومن بناء سد الجزرة للعراق في 3-4 سنوات القادمة.
بعد الانتهاء من تعبئة سد أليسو وتشييد وتشغيل سد جزرة في 2024 تقريبا، يتوقع الخبراء ما يلي:
- حجب مياه النهر المتدفقة من تركيا بمعدل 7-8 مليار م3 سنويا أي 40% من تدفق النهر. الاخطر من كمية المياه المحتجبة هو تقلبها حسب الفصول واحتمال تدفقها بمستوى “التدفق البيئي (60 م3/ ثانية)” (رسم بياني-1) كحد اقصى او انقطاعها كليا عند الحدود التركية-السورية خلال اشهر الصيف بسبب ري 121 ألف هكتار من الاراضي التركية خلال هذه الأشهر (12).

- في دراسة بعنوان “نهر دجلة: التأثير الهيدرولوجي لسد إليسو على سد الموصل” قام بها مؤخرا “معهد النشر الرقمي المتعدد التخصصات”،MDPI، في باسيل، سويسرا في آذار 2020 (23)، قيّموا فيها أسوا الحالات التي يمكن ان يصل اليها سد الموصل فاستنتجوا التالي:
- سينخفض متوسط التدفق السنوي المتوقع إلى حوالي 119 م3/ ثانية أي انه سينخفض الى 22% من متوسط التدفق السنوي للثلاثين سنة الماضية (553 م3/ ثانية) الذي يظهره رسم بيان (1) ادناه. الجدير بالذكر ان معدل التدفق سيكون بمستوى او اقل من “التدفق البيئي (60 م3/ ثانية)” لمدة 5 شهور حسب رسم بيان (1)، وهذا عمليا سيخرج سد الموصل من الخدمة.
- سيبلغ معدل التدفق التراكمي للعام بأكمله في حوالي 4.6 مليار متر مكعب أي أكثر بقليل من ما يسمى بـ “المخزون الميت” في سد الموصل وتمثل 42% من طاقة تخزين السد التي تصل الى 11 مليار م3(21).

- انخفاضٍ كبير في إنتاج الطاقة الكهرومائية، بسبب تـأثر محطتي سـد الموصـل وسد سامراء، اللذان سيتعذر عليهما إمداد المصانع ومحطات ضخ المياه وبقية المؤسسات الأخرى بما تحتاجه مـن طاقـة ضـرورية لتشغيلها.
- ازدياد نسبة الملوحة في حوالي 600-700 الف هكتار من أجود الأراضي الزراعية وخاصة الشمالية، وزيادة الأراضي الجرداء المتصحرة بـ 3 ملايين دونم (7,500 كلم) (19) في الوسط والجنوب حسب الخبراء، سيتسبب بخروج 25-35% من الأراضي الزراعية من الخدمة.
- من الناحية الانسانية يقدر الخبراء ان نسبة قد تصل الى 5 ملايين عراقي ستضطر الى الهجرة الى المدن او الدول المجاورة طلبا للرزق بسبب شح مياه الشرب والتصحر.
- تتفاقم المسألة وتزداد سوءاً من جانب إيران التي تسيطر على 6 ملايين م3 (15%) من المياه المتدفقة للعراق حاليا، حيث تقوم بدورها ببناء السدود وتحويل الانهار الى داخل الاراضي الإيرانية على روافد دجلة في الشمال (الزاب الاصغر، ديالة) وعلى نهري الكارون والكلخ في الجنوب قرب شط العرب.
- الاحتمال الكبير لانهيار السدود التركية بفعل الزلازل فهناك علاقة سببية مؤكدة علميا بين وقوع الزلازل بسبب السدود العملاقة وبحيراتهاوعلاقة أخرى بين انهيار السدود بسبب الزلازل في المناطق الناشطة زلزاليا، حسب الخبير طلال بن علي محمد مختار، أستاذ علوم الجيوفيزياء في احدى الجامعات السعودية (24) .
نحو استراتيجية الأمن القومي المائي: (أفكار واقتراحات)
لا بد لنا من التساؤل: كيف سمحنا للامور أن تسوء الى هذه الدرجة، فيصبح أمننا المائي مهدداً بهذا الشكل ؟ ويهدد حياة الملايين من شعبنا معه؟ وهل ما يوحي بوقف هذا النزف ومواجهة هذا الخطر الوجودي على امتنا.؟
قبل عرض الخيارات المتوفرة لا بد من ان نذكر بما نبه له الاستراتيجي الاول في امتنا، عندما حذر في اوائل القرن الماضي من مخاطر عدم سيطرة “الامة السورية” على مصادر ثروتها وحدد حدودها الطبيعية بجبال طوروس وزغروس. انه الزعيم أنطون سعاده صاحب الفكر الفذ الذي اغتالته اعداماً السلطات اللبنانية والسورية في 8 تموز 1949.
اليوم في 2020، بعد 71 سنة على رحيله، ما زالت افكاره تشكل القاعدة التي يبنى عليها الانقاذ.
لا يمكن لسوريا والعراق مواجهة التهديد التركي بدون صياغة استراتيجية مائية-اقتصادية متكاملة. هذه الاستراتيجية لا تعني فقط تنسيق المواقف قبل اجتماع اللجنة التقنية للمياه بين الدول الثلاث (هذا اذا اجتمعت) او ‘البكاء‘ و‘الصراخ‘ في مواسم الجفاف بل تتعداها الى رسم خطة اقتصادية قانونية بيئية واعلامية شاملة للدفاع عن وجودنا وحقوقنا المائية.
أهم ما يمكن أن تشمله هذه الخطة ما يلي:
أولا: تمتين الروابط الاقتصادية بين سوريا والعراق ودول المشرق الاخرى عبر زيادة التبادل التجاري والتعاون في مشاريع الطاقة كتطوير خط انابيب النفط بين كركوك وبانياس وطرابلس.
ثانيا: انشاء مجلس اعلى للمياه بين البلدين للاشراف على وضع الخطط وتنفيذها والتفاوض مع تركيا كجسم واحد. هذا المجلس يمكن ان يستعين بكثير من الخبرات السورية والعراقية في الوطن والمهجر وان يشمل عدة لجان تقنية تضع الدراسات القانونية والبيئية والتاريخية والاعلامية التي تدعم القضية.
ثالثا: السعي عبر جامعة الدول العربية لقيام جبهة عربية فعالة للدفاع عن المياه العربية في الهلال الخصيب ووادي النيل، وذلك بربط اي تعاون اقتصادي عربي مع دول المصدر بحل مشكلة المياه. مصر هي الأخرى دولة مصب وهي تواجه نفس مشكلة العراق وسوريا مع دولة المصدر أثيوبيا بالنسبة لسد النهضة لذلك فالتنسيق والتحالف معها يخدم مصالح مصر ودول الهلال الخصيب.
رابعا: السعي بجدية للتوصل الى اتفاق على قسمة المياه والموارد الطبيعية الاخرى داخل العراق. ان معظم روافد دجلة (الزاب الاكبر والزاب الاصغر وديالة) تمر في شمال شرق العراق، وبناء اقليم كردستان السدود العملاقة كسد بخمة الذي يخزن أكثر من 10 مليار م3 من الزاب الأكبر قبل التوصل الى قانون لتوزيع المياه قد يؤدي الى صراع عرقي طويل على الفُتات. قد يكون التوصل الى اتفاق صعب المنال لكثرة التدخلات الخارجية لكن ربما يُكتب له النجاح اذا ادرك الجميع وخاصة الاكراد ان البترول والغاز سينضبان خلال 50 سنة والصراع العرقي اذا حصل سيستنزف الجميع وبدون المياه لن يدوم شيء.
خامسا: البدء بحملة اعلامية كبيرة في دول المشرق لتوعية الشعب على المخاطر المحدقة به في حال موت دجلة والفرات. كذلك يجب التصدي لبعض التفاسير المغرضة للاحاديث النبوية التي تجعل الشعب يعتبر موت الفرات ودجلة ارادة الهية ولا يمكن التصدي لها. من هذه الاحاديث قول أبي هريرة: ” قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يحسِر الفرات عن جبل من ذهب))”
سادساَ: التعاون مع الجمعيات البيئية والاجتماعية العالمية التي تعارض المشاريع التركية على دجلة. هذه الجمعيات استطاعت ان تضغط على حكوماتها الاوروبية لقطع الدعم المادي عن مشروع اليسو فأوقف الاتحاد الاوروبي التمويل وجُمد العمل فيه منذ في 2008 كما ذكرنا سابقا لذلك يجب ان لا يستهان بقدراتها التجييرية.
سابعاَ: الاستشمار بالطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والهوائية داخليا والابتعاد تدريجيا عن استعمال السدود لتوليد الطاقة واستعمال المياه للري والحاجات الانسانية فقط. توليد الطاقة يتطلب إطلاق مياه السد في مواعيد لا تتناسب بالضرورة مع متطلبات الري وقد يؤدي ذلك الى هدر للمياه. دول الخليح واسرائيل بدأت تستثمر في الطاقة الشمسية الآن، وسوريا والعراق يمكن ان يفعلا الشيئ ذاته فالمساحات الشاسعة والمناخ الحار يجعلان هذه الطاقة بديلاً عملياً للمياه واستثمار مربح على المدى البعيد.
ثامناَ: تحذير ومقاطعة الشركات الهندسية والبنوك الدولية اذا شاركت باي من المشاريع المائية غير المتفق عليها بين الدول المتشاطئة حسب القانون الدولي.
تاسعاَ: ربط التبادل التجاري مع تركيا بحل مشكلة المياه فليس من المنطق ان يتهجر شعبنا ويخسر اقتصادنا ملايين الدولارات بسبب قلة الماء ونكافئ الجاني بفتح اسواقنا له ليجني المليارات كل عام. عدم ربط التبادل التجاري بالأمن المائي، يشبه الى حد كبير ما فعلته السلطة الفلسطينية وعرب ما يسمى “الاعتدال” مع اسرائيل عندما قدموا التنازلات وتوقعوا بالمقابل ان تترحم اسرائيل وأميركا عليهم فتعيد الحقوق الفلسطينية المسلوبة، لكن الامور تدهورت عاماً بعد عام الى ان وصلنا الى صفقة القرن.
عاشراَ: حث الأمم المتحدة على القيام بدراسة ‘حيادية‘ حول ظاهرة وقوع الزلازل في منطقة جنوب شرقي تركيا، ومدى تأثير ذلك علـى سدود الميـاه المقامة فيها. أيضا يجب الضغط على الجانب التركي على عدم القيـام بـإملاء سد أليسو واتاتوك وغيرهما بكامل طاقتهم التخزينية قبل إتمام الأمم المتحدة لدراستها، وذلك خوفاً من إحتمـال تعرضـها لزلزال قوي قد يؤدي على الأرجح، حسب الخبراء، الى انهيارات وتصدعات في السدود وتكون عواقبها وخيمة على العراق (24).
احد عشر: اذا استمر الاتراك ببناء السدود وخاصة سد جزرة القاتل للعراق واستمر التعنت التركي برفض توقيع اي اتفاقات تلزمها على المدى البعيد، فلا بد من تقديم شكوى الى المؤسسات الدولية كمحكمة العدل الدولية ومجلس الامن. ان توصيات مؤتمر” استعمال المياه الدولية لغير الملاحة” الذي صدقت عليه الامم المتحدة في 2014 تدعو للتوزيع العادل للمياه وعدم قيام اي دولة باي مشاريع مائية تسبب الاذى بدول النهرالاخرى. الكاتب والباحث العراقي علاء اللامي تساءل بدهشة عن سبب عدم استعمال العراق لهذه الاتفاقية التي هي مئة بالمئة لصالحة وقال: ” أن هذه الاتفاقية الدولية النافذة تعتبر وبحق سلاحا فعالا ومرجعية رصينة وقوية يمكن للدولة العراقية استعمالها والاستناد إليها في دفاعها عن حقوق العراق المائية ومصالحة الحيوية والتي بلغت اليوم خيار الحياة أو الموت بالنسبة لشعب العراق” (17).
اثنا عشر: اذا لم نتفع كل هذه الخطوات فلن يكون للعراق وسوريا أي خيار غير قطع العلاقات بشكل كامل مع تركيا واعتبارها عدواً وبذلك استخدام الدولة والشعب لكل الوسائل المتاحة وعدم استثناء أي خيار مهما كان صعبا للدفاع عن الحضارة والتاريخ والوجود والمستقبل.
أمامنا فرصة وربما الاخيرة لمواجهة هذه الخطر الوجودي فإذا لم نكن بمستوى المسؤولية ونواجه شريعة الـ”غاب” التركية موحدين فنحن قادمون على مشاهد كثيرة من “الصيف الجاف” يتناحر فيها شعبنا على الفتات. هذا وعلى المدى البعيد سيؤدي الى نكبة لشعبنا في الشرق العراقي شبيهة بنكبة شعبنا في الجنوب الفلسطيني، وسيتحول هلالنا الخصيب الى هلال نضيب، يصبح فيه العراق واجزاء كبيرة من سورية امتداداً لصحراء الجزيرة العربية.
هذه ليست اقوالاً للترهيب، ففي تقريرين منفصلين للمنظمة الدولية للبحوث ولمنظمة المياه الاوروبية هذا العام استنتجوا فيهما موت نهري دجلة والفرات في العراق في العام 2040 بسبب السدود التركية (15). كذلك فالعالم الياباني، أكيو كيتوه، من معهد متيولوجيكل للابحاث في اليابان، الذي يدرس تحولات الطقس وتأثير السدود التركية، توقع زوال “الهلال الخصيب القديم” في هذا القرن “والعملية قد بدأت” (16).
————————————————————————————————————————-
ملاحظة: هذا البحث كان قد وضعه سابقاً الباحث راجي سعد، تحت عنوان: من هلال خصيب إلى هلال نضيب، ثم عاد وحدّث معطياته مشكوراً لنشره على منصّة سيرجيل,
Is Turkey planning to dry out the regions between Euphrates and Tigris Rivers by 2040?
Posted by: adonis49 on: September 28, 2020
Is Turkey planning to dry out the regions between Euphrates and Tigris Rivers by 2040?
The Euphrates and the Tigres cross Syria and Iraq for thousands of miles since antiquity.
Turkey decided to build many gigantic dams on the sources of these rivers (400 km from the borders) and claims that it own these rivers. and is the sole country to control the debits of these rivers.
“الصيف الجاف” فيلم تركي أُنتج في العام 1964 ودارت أحداثه بين آغا تنبع المياه من ارضه ومزارعين تمر المياه في أراضيهم (1). زاد طمع الآغا في المياه فادعى ملكيتها وقطع معظمها عن المزارعين، فادى ذلك إلى نشوب صراع بينهما كانت نتيجته مقتل الآغا وأحد المزارعين. هذا الفيلم بدأت أحداثه تتكرر اليوم بين دولة المصدر تركيا التي ينبع نهري دجلة والفرات من ضمن حدودها الحالية وبين سوريا والعراق اللذين يمر النهران في أراضيهما.
ينبع نهري دجلة والفرات من أعالي جبال طوروس (2)، الفاصل الطبيعي بين مجتمعي بلاد ما بين النهرين وبلاد الأناضول، وينحدرا باتجاه سوريا والعراق باعثين الحياة والخصب فيهما ومانعين التصحّر عنهما، ثم يلتقيان في شط العرب كانهما يهنئان بعضهما على بعث الخير والجمال بشعب أجاد استعمالهما خلقا ًوابداعاً وحضارة.
يتكون الفرات بعد أن يلتقي نهري فره صو ومراد صو في حوض ملاطية. يبلغ طول النهر 2330 كلم، يسير منها حوالي 442 كلم حتى يصل الى الحدود السورية الحالية. تقدر طاقة النهر بحوالي 31,7 مليار م3 ينبع 95% منها من جبال طوروس و5% من روافد في سوريا (جدول-1) أهمها نهر الخابور. أما نهر دجلة فمساره أقصر من الفرات ويبلغ 1900 كلم (منها 400 كلم داخل تركيا) لكن طاقته المائية أكبر لكثرة روافده (الزاب الأكبر، الزاب الأصغر، العظيم، ديالة) وتصل الى 49 مليار م3. مصادر مياه دجلة هي 58% من جبال طوروس و12% من جبال زغروس اللذان يقعان تحت السيطرة التركية والايرانية، و30% من روافد في شمال شرق العراق (جدول-1). إذا نظرنا لدجلة والفرات والروافد كمنظومة مائية واحدة فمصادر المياه موزعة بنسبة 72% في تركيا و7,4% في إيران 20.6% في سوريا والعراق.

معدل تدفق المياه موسمي ويختلف من شهر الى شهر. بعد فصل الشتاء تذوب الثلوج من أعالي طوروس وتنحدر مياهها بغزارة الى دجلة والفرات بين شهري أذار وأيار، ومن ثم تشح تدريجياً حتى شهر تشرين الأول قبل البدء بالتصاعد ثانية (3). هذا التدفق الموسمي جعل دول النهر تبني السدود لتخزين المياه واستعمالها للري في موسمي الصيف والخريف الزراعيين ولتوليد الكهرباء.
المشاريع التركية:
فكرة استغلال مياه دجلة والفرات بدأت منذ أيام اتاتورك في العشرينات من القرن الماضي بعد ان رسمت معاهدة لوزان في 1923 الحدود السورية-العراقية مع تركيا وايران على منحدرات جبال طوروس وزغروس بدل أعالي هذه الجبال، كما ترسم الحدود الدولية عادة، مما أفقد سوريا والعراق السيطرة على دجلة والفرات وروافدهما وأصبحا تحت رحمة تركيا وإلى حد ما ايران. في 1936 نضجت فكرة استغلال النهرين في تركيا بعد تاسيس ادارة الدراسات الكهربائية التي قدمت دراسة سد كيبان الذي نفذ في العام 1974 على الفرات. هذه الدراسة تبعتها دراسات أوسع وأشمل بعد تأسيس “مشروع جنوب شرق الاناضول”(“غاب، GAP” كما يعرف عالمياً) الذي اقترح إنشاء 22 سداً و19 محطة توليد كهرباء لري 1,7 مليون هكتار وتوليد 7500 ميغاوات من الطاقة الكهربائية (4). كلفة المشروع قدرت بـ (31) مليار دولار أميركي، وستحتاج الى حوالي 17 مليار م3 من مياه الفرات و8 مليار م3 من مياه دجلة (5)وستسبب نقصاً حاداً في دول المصب وخاصة العراق.

أهم هذه المشاريع التي شملها “غاب” هو سد اتاتورك على الفرات الذي يعتبر خامس اكبر سد في العالم، والذي انتهى العمل فيه في العام 1990، ويروي 872,4 الف هكتار ويولد 2400 ميغاوات من الطاقة في تركيا. المشروع الآخر المهم هو منظومة سدي أليسو وجزرة على دجلة الذي سيخزن 10,4 مليار م3 لتوليد 1200 ميغاوات من الطاقة والذي سيروي 121,000 هكتار من الاراضي الحدودية التركية بكلفة 1,68$ مليار. بدا العمل بهذا المشروع في العام 2006 لكنه توقف في كانون الاول 2008 بعد اعتراض الجمعيات البيئية والاجتماعية وضغطها على حكوماتها الالمانية والنمساوية والسويسرية التي ألغت في تموز 2009 الضمانات لتمويل المشروع. أهم أسباب الالغاء هو تسبب بحيرة السد بفيضان قرية حسن كاييف الاثرية واجبار 10000 من السكان المحليين على هجرة منازلهم (6). رغم وقف التمويل الخارجي فتركيا أصرت على اكمال المشروع وانتهى العمل بالمشروع وبدأ التخزين في تموز 2019 ووصل الى 5 مليار م3 في نيسان 2020. أمام هذا الواقع أصبحت تركيا مسيطرة على أعظم مصدري مياه للمشرق السوري-العراقي ومؤهلة لبسط نفوذها الاقتصادي والسياسي على المنطقة.
القانون الدولي:
دعا مؤتمر “استعمال المياه الجارية الدولية لغير الملاحة” في 1994 في المادة 5 و6 الى تقسيم المياه المشتركة بالتساوي والمنطق بين دول المصدر والمصب لضمان استمرارية النهر ومصالح الدول المتشاطئة. العوامل التي يجب الأخذ بها بعين الاعتبار لضمان المساوات هي العوامل المناخية والايكولوجية وحاجة البلدان الاجتماعية والاقتصادية والحاجات الانسانية للسكان الذين يعتمدون على الحوض. كذلك دعا المؤتمر في المادة 7 الى عدم قيام أية دولة بأية مشاريع مائية تسبب الاذى بدول النهر الاخرى، وضرورة التشاور معها قبل بناء هذه المشاريع (7). الجمعية العمومية للأمم المتحدة أقرت مسودة توصيات هذا المؤتمر في 1997 بالاجماع ما عدا ثلاث دول من بينها تركيا، ولكن لم تصادق عليها إلا 21 دولة من مجموع 35 دولة يجب أن تصادق عليها لكي تدخل في اطار الاتفاقات الدولية. في 17 آب 2014 وبعد انتظار دام 17 سنة صادقت الدولة الخامسة والثلاثين على الاتفاقية وبذلك أصبحت الاتفاقية قيد العمل والتحكيم والمرجعية القانونية الدولية (17).
الموقف التركي:
تركيا رفضت هذا القانون الدولي لاتباعها استراتيجية تتلخص بشعار “البترول للعرب والمياه لتركيا”، وباعتبار نهري دجلة والفرات “نهران وطنيان تركيان”. جاء ذلك في عدة تصاريح ومواقف اهمها تصريح لرئيس الوزراء تركت اوزال في العام 1988 حيث قال “ادعاء سوريا والعراق بحقوق في مياه تركيا (يقصد دجلة والفرات) هو شبيه بادعاء تركيا بحقوق في بترول سوريا والعراق. المياه امر سيادي ويحق لنا ان نفعل ما نشاء فيها، فهي ثروة تركية كما هو البترول ثروة عربية ولن نسمح بمشاركتنا ثروتنا المائية ولا نريد مشاركتهم ثروتهم النفطية”(8). هذا الموقف لم يتغير عمليا بعد سيطرة حزب العدالة والتنمية ذي الميول الاسلامية إلاَّ في الشكل. المشاريع المائية سارت وتسير حسب خطة “غاب” المرسومة من العلمانيين ودون اي تنسيق مع دول الجوار، فالرئيس التركي رجب طيب اوردغان دشن مشروع سد اليسو العملاق على نهر دجلة في آب 2006 وأكمل بناؤه بتمويل تركي، وبدأ التخزين في 2019. المواقف كذلك لم تتغير في الجوهر فعندما كانت العلاقات جيدة مع سوريا رفض وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، تانر يلديز، في اجتماع مسؤولي البلدان الثلاثة في 3 أيلول 2009 في أنقرة توقيع اتفاق شامل وملزم، ووافق فقط وكجبرة خاطر على زيادة مؤقتة لكمية مياه الفرات المتدفقة الى سوريا إلى 520 م3 في الثانية لمدة شهرين، وادّعى ان تركيا تعطي “اكثر من التزاماتها”.
الجدير بالذكر ان تركيا تاريخيا ًتقاسمت المياه المشتركة مع جيرانها الاخرين فوقعت معاهدات مع روسيا في العام 1927 قسمت فيها استعمال المياه على أربعة أنهر مشتركة بين البلدين (كورو، كورا، اريا، اراس)، ومن ثم وقعت معاهدات اخرى في السبعينات. الشيئ نفسه تكرر مع اليونان في العام 1950 عندما وقع البلدان معاهدة لوزان.
عندما يسال الاتراك عن سبب عدم تكرار هذه المعاهدات مع جيرانهم المسلمين يقولون ان الانهر بين تركيا وروسيا واليونان هي انهر دولية لانها تفصل تركيا عن البلدين الآخرين، بينما دجلة والفرات نهران “عابران للحدود” ولا يشكلان حدوداً فاصلة!(9)، لذلك فهم يعتبرونهما نهرين تركيين، ويرفضون توقيع أية معاهدة طويلة المدى تلزمهم بنسبة معينة من المياه. هذه البدعة التركية نقضها مؤتمر “استعمال المياه الجارية الدولية لغير الملاحة” التي صدقت على توصياته الامم المتحدة في 2014 وهي توضح انه “لا يوجد اي اختلاف جوهري حول مفهوم الانهار الدولية والانهار العابرة للحدود”.
الموقف الرسمي العراقي والسوري:
لمواجهة هذا الواقع حاولت حكومتا العراق وسوريا وقف العمل في هذه المشاريع المدمرة لشعوبها واقتصادها ولكن دون أية نتيجة مهمة حتى الآن. عراق صدام حسين تفرغ في الثمانينات لحربه العبثية مع إيران التي عمقت خلافه مع سورية حافظ الاسد فاعتمد على تركيا اقتصاديا لتصدير النفط عبر المتوسط، ولم يكن في موقع يستطيع فيه مجابهة اي من المشاريع التركية. وما كادت تنتهي حرب إيران، حتى شنَّ حرباً عبثية أخرى على الكويت في التسعينات ادت الى اضعاف جيشه وفرض عقوبات قاسية همشت العراق كبلد، ومن ثم جاء الغزو الاميركي (2003) وتبعته الانقسامات المذهبية والعرقية التي شلت العراق كلياً وسمحت لتركيا بالاستمرار بمشاريعها دون اي مقاومة عراقية تذكر.
سوريا من جهتها حاولت منفردة مواجهة المارد التركي في الشمال المتحالف مع العدو الاسرائيلي في الجنوب. في العام 1987 وقع البلدان “بروتوكولاً امنياً” حصلت سوريا بموجبه على وعد تركي بضخ 500م3\الثانية من الفرات في مقابل الأمن على الحدود بين البلدين. هذا الوعد لم يكن كل ما تريده سوريا التي سعت الى اتفاق ملزم ومع ذلك فالرئيس التركي، سليمان ديميريل، حاول التهرب من “الوعد” بقوله إنَّ “القرار التركي باعطاء سوريا 500 م3 كان عشوائيا”. هذا الاتفاق خاضع للمزاج التركي ففي 1990 قطعت تركيا مياه الفرات عن دول المصب لمدة شهر لتعبئة بحيرة أتاتورك، فزادت سوريا دعمها لحزب العمال الكردستاني الذي حاول تخريب بعض السدود وتاخير العمل في بعض المشاريع. هذه الاستراتيجية السورية لم تنجح على المدى البعيد وأًجْبرت سوريا على ترحيل عبدالله اوجلان، زعيم حزب العمال، لتفادي حرب غير متوازنة مع تركيا في العام 1998. سوريا ايضا حصلت على بعض الدعم العربي عبر الجامعة العربية في التسعينات لكن دون اي تاثير يذكر على المشاريع التركية.
بعد تسلم الرئيس بشار الاسد الحكم في سوريا وغزو اميركا للعراق في العام 2003، وجدت سوريا نفسها مطوقة من كل الجهات ومهددة بعدوى التقسيم الطائفي والعرقي السائد في العراق، فبدأت بتمتين العلاقات السورية التركية ووقعت في العام 2004 اتفاقاً للتبادل التجاري الحر، وتبعها تاسيس مجلس استراتيجي والغاء تاشيرات الدخول بين البلدين حتى تخطى التبادل التجاري بين البلدين الملياري دولار في 2009، ولكن كل هذا لم يجدي نفعا في اجبار تركيا على توقيع اتفاق مائي ملزم. بعد 2011 تدهورت العلاقات وانقطعت الاتصالات بسبب الدعم التركي للميليشات المسلحة في سوريا ووصلت الى حد المواجهة العسكرية المباشرة لكن المحدودة في ادلب العام الماضي. العراق من جهته طور علاقته الاقتصادية مع تركيا أيضا بإبرام معاهدة التبادل التجاري البالغة 16 مليار دولار في 2019 ويسعى البلدان الى ايصال التبادل التجاري الى 20 مليار في الاعوام القادمة!، وجل ما حصل عليه العراق عندما لوح بإلغاء هذه المعاهدة، حسب السيد حسن الصفار معاون مدير المعهد الوطني في إدارة الموارد المائية في وزارة الموارد المائية، هو ادراج جملة في وثيقة المعاهدة تقول ” إن للعراق حقوقا في مياه نهري دجلة والفرات”. بموازاة كل ذلك تستمر المشاريع المائية التركية حسب الخطة المرسومة والتي كان آخرها سد أليسو على دجلة، وتُنفد السدود المتبقية من مشروع “غاب” (5-10%) حسب الخطة المرسومة، وتزداد الكوارث الاقتصادية على الشعبين السوري والعراقي عام بعد عام.
النتائج على سوريا والعراق:
حوض الفرات:
نتيجة لخضوع “البروتوكول الأمني” الذي وعدت فيه تركيا الجانب السوري بضخ 500م3\الثانية لسوريا والعراق للمزاج والاعتبارات التركية السياسية والاقتصادية واعتماد مبدأ تامين حاجات تركيا المائية للري والطاقة أولاٍ وإطلاق المياه المتبقية أو الملوثة بعد الاستعمال للدول المتشاطئة ، يعاني حوض الفرات في سوريا والعراق من حالة يمكن وصفها بالموت البطيء الذي يؤدي تدريجياً الى كوارث اجتماعية واقتصادية جمة. خلال صيف 2008 الجاف وبسبب استخدام مياه السدود لري الأراضي التركية اولاً، هددت المجاعة 300 الف سوري على حوض الفرات بسبب قلة الامطار ونضب مياه الفرات (11)، ففقدوا أراضيهم الزراعية ونزح قسم كبير منهم الى مخيمات بؤس في حلب ودمشق ومدن الساحل. خلال الصيف الماضي بدأت تركيا بخفض كميات المياه القادمة إلى سوريا الى “أقل من ربع الكمية المتفق عليها” أي 125 م3\ثانية حسب إدارة سد تشرين (ثاني أكبر السدود على نهر الفرات في سوريا) وأضافت الإدارة أن ذلك “سينعكس مباشرة على الثروة البيئية والمنتجات الزراعية وبالتالي سيترك أثره بشكل مباشر على اقتصاد المجتمع ويهدد الأمن الغذائي العام للمواطن”. بالإضافة الى ذلك، فقد وجدت مدينة الحسكة نفسها أمام مخاطر العطش في شهر آب الماضي بعدما أقدمت تركيا على إيقاف ضخ المياه من محطة علوك (في ريف مدينة رأس العين التي تحتلها تركيا) لأسباب سياسية وهددت نحو مليون شخص بالعطش (18).

وضع حوض الفرات في العراق ليس بأفضل حال فهو امتداد للوضع في سوريا. خلال الفترة بين 1990 و2008 وبعد التفاهم السوري-العراقي على ان تكون حصة العراق 60% من 500 م3 (أي 300 م3 في الثانية) المتدفقة من الحدود التركية، انخفض تدفق المياه الى العراق بنسبة 50% من 18مليار م3الى 9 مليار م3
يمكن اختصار الاضرار التي تلحق بالعراق بما يلي:
- ان نقصان كل مليار م3 من المياه يؤدي تقريبا الى نقصان 260 ألف دونم ولذلك كادت خسارة 9 مليار م3 من المياه ان تؤدي إلى أن يخسر العراق 2,34 مليون دونم (5850 كلم2) من الأراضي الزراعية بعد تشغيل سد أتاتورك في 1990 لولا تعويض المياه المحجوبة من بحيرة الثرثار المالحة التي قلصت الخسارة الى 1,3 دونم تقريبا (19). الجدير بالذكر ان مخزون الثرثار لم يدم طويلا حسب عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار بالبرلمان علي البديري الذي حذر في تموز الماضي من كارثة مائية في المحافظات الجنوبية وقال بان “مستوى المياه اليوم خاصة في نهر الفرات هو دون النصف من مستواه الحقيقي، كما أن الاعتماد الآن بالدرجة الأساس على مخزون حوض الثرثار وبنسبة تصل إلى 50% من الاستهلاك اليومي للمياه، ما يعنى أن هذا الخزان لن يكفينا لفترة طويلة بحال بقاء الوضع على ما هو عليه”(21).
- بسبب قلة التصاريف التي تطلقها تركيا وتقلبها، تردت نوعية المياه الداخلة الى العراق نتيجة الملوحة والمياه الراجعة والسموم اذ بلغت معدلات الملوحة نسبة 1800 ملغ\لتر في 2009 بعد ان كانت بحدود 375 ملغم/ لتر عام 1987 (بينما المعدل الدولي المقبول هو 800 ملغ\لتر). بالإضافة الى الإضرار بالأراضي الزراعية فان ارتفاع ملوحة المياه ادى الى الاضرار بالمشاريع الصناعية ومشاريع تنقية واسالة مياه الشرب. في آب 2015 أطلقت محافظة ذي قار في جنوب العراق تحذيرا من تداعيات تلوث المياه الناجم عن انخفاض مناسيب نهر الفرات، وأشارت إلى ان أكثر من 35 قرية كبيرة في أهوار الناصرية لحقتها الأضرار من انحسار المياه (19).
- في 2018 حظرت الحكومة صناعة الأرز والذرة لكثرة استهلاكها للمياه “ولإعطاء الأولوية لمياه الشرب والصناعة والخضروات” مما دفع الكثير من المزارعين الى هجرة أراضيهم.
- الضرر الأكبر يصيب 7 محافظات جنوبية ، أي اكثر من 4000 قرية يسكنها أكثر من 5 مليون نسمة. ان شح المياه عن هؤلاء السكان سيضطرهم الى “ترك الزراعة والري والهجرة الى المدن والمراكز الحضرية الاخرى وما ينتج عنه من مشكلات اقتصادية واجتماعية وديموغرافية ونفسية تضع اعباء كثيرة على اقتصاديات البلد”(19) . خلال الصيف الفائت تعرض مربو الجاموس في محافظة ذي قار لخسائر مادية كبيرة خلال نتيجة تعرض قطعانهم للهلاك والأمراض مما اضطرهم إلى النزوح القسري من مناطقهم إلى المحافظات والمناطق المجاورة (19).
- تأثر محطات الطاقة الكهربائية في سد القادسية وغيرها نتيجة انخفاض منسوب المياه، حيث مجمل ما تنتجه هذه المحطات لا يشكل اكثر من 40% من مجموع حاجة العراق للطاقة الكهربائية.
حوض دجلة:
المصير الذي ينتظر نهر دجلة في العراق لن يكون افضل من توأمه الفرات أثناء وبعد تخزين سد اليسو ب10,4 مليار م3 لتوليد الطاقة وبعد تشييد سد جزرة ‘القاتل‘ (كما يصفه أهل العراق)، الذي يقع على بعد 45 كلم جنوب سد اليسو و20 كلم شمال الحدود السورية-العراقية، لري اكثر من 121,000 الف هكتار. هذا المصير كادت بوادره تظهر في صيف 2019 بعد ان بدأت تركيا بتخزين المياه في بحيرة سد أليسو في تموز لولا السيول والامطار الغزيرة الغير-اعتيادية التي ملأت الخزانات والسدود العراقية شتاءً وأمنت التخزين الكافي للبلاد للاستفادة منه صيفاً. الصيف الفائت اختلف الامر فقدّر خبير استراتيجيات وسياسات المياه في جامعة دهوك رمضان حمزة إن “مستوى المياه في نهر دجلة كان 600 م3 في الثانية، وبعد بناء تركيا سد إليسو انخفض الى ما بين 300 و320 م3 في الثانية” (22). من الأرجح ان هذا المعدل من التدفق سيستمر الى ان تنتهي تركيا من تعبئة 5 مليار م3 المتبقية من طاقة السد ومن بناء سد الجزرة للعراق في 3-4 سنوات القادمة.
بعد الانتهاء من تعبئة سد أليسو وتشييد وتشغيل سد جزرة في 2024 تقريبا، يتوقع الخبراء ما يلي:
- حجب مياه النهر المتدفقة من تركيا بمعدل 7-8 مليار م3 سنويا أي 40% من تدفق النهر. الاخطر من كمية المياه المحتجبة هو تقلبها حسب الفصول واحتمال تدفقها بمستوى “التدفق البيئي (60 م3/ ثانية)” (رسم بياني-1) كحد اقصى او انقطاعها كليا عند الحدود التركية-السورية خلال اشهر الصيف بسبب ري 121 ألف هكتار من الاراضي التركية خلال هذه الأشهر (12).

- في دراسة بعنوان “نهر دجلة: التأثير الهيدرولوجي لسد إليسو على سد الموصل” قام بها مؤخرا “معهد النشر الرقمي المتعدد التخصصات”،MDPI، في باسيل، سويسرا في آذار 2020 (23)، قيّموا فيها أسوا الحالات التي يمكن ان يصل اليها سد الموصل فاستنتجوا التالي:
- سينخفض متوسط التدفق السنوي المتوقع إلى حوالي 119 م3/ ثانية أي انه سينخفض الى 22% من متوسط التدفق السنوي للثلاثين سنة الماضية (553 م3/ ثانية) الذي يظهره رسم بيان (1) ادناه. الجدير بالذكر ان معدل التدفق سيكون بمستوى او اقل من “التدفق البيئي (60 م3/ ثانية)” لمدة 5 شهور حسب رسم بيان (1)، وهذا عمليا سيخرج سد الموصل من الخدمة.
- سيبلغ معدل التدفق التراكمي للعام بأكمله في حوالي 4.6 مليار متر مكعب أي أكثر بقليل من ما يسمى بـ “المخزون الميت” في سد الموصل وتمثل 42% من طاقة تخزين السد التي تصل الى 11 مليار م3(21).

- انخفاضٍ كبير في إنتاج الطاقة الكهرومائية، بسبب تـأثر محطتي سـد الموصـل وسد سامراء، اللذان سيتعذر عليهما إمداد المصانع ومحطات ضخ المياه وبقية المؤسسات الأخرى بما تحتاجه مـن طاقـة ضـرورية لتشغيلها.
- ازدياد نسبة الملوحة في حوالي 600-700 الف هكتار من أجود الأراضي الزراعية وخاصة الشمالية، وزيادة الأراضي الجرداء المتصحرة بـ 3 ملايين دونم (7,500 كلم) (19) في الوسط والجنوب حسب الخبراء، سيتسبب بخروج 25-35% من الأراضي الزراعية من الخدمة.
- من الناحية الانسانية يقدر الخبراء ان نسبة قد تصل الى 5 ملايين عراقي ستضطر الى الهجرة الى المدن او الدول المجاورة طلبا للرزق بسبب شح مياه الشرب والتصحر.
- تتفاقم المسألة وتزداد سوءاً من جانب إيران التي تسيطر على 6 ملايين م3 (15%) من المياه المتدفقة للعراق حاليا، حيث تقوم بدورها ببناء السدود وتحويل الانهار الى داخل الاراضي الإيرانية على روافد دجلة في الشمال (الزاب الاصغر، ديالة) وعلى نهري الكارون والكلخ في الجنوب قرب شط العرب.
- الاحتمال الكبير لانهيار السدود التركية بفعل الزلازل فهناك علاقة سببية مؤكدة علميا بين وقوع الزلازل بسبب السدود العملاقة وبحيراتهاوعلاقة أخرى بين انهيار السدود بسبب الزلازل في المناطق الناشطة زلزاليا، حسب الخبير طلال بن علي محمد مختار، أستاذ علوم الجيوفيزياء في احدى الجامعات السعودية (24) .
نحو استراتيجية الأمن القومي المائي: (أفكار واقتراحات)
لا بد لنا من التساؤل: كيف سمحنا للامور أن تسوء الى هذه الدرجة، فيصبح أمننا المائي مهدداً بهذا الشكل ؟ ويهدد حياة الملايين من شعبنا معه؟ وهل ما يوحي بوقف هذا النزف ومواجهة هذا الخطر الوجودي على امتنا.؟
قبل عرض الخيارات المتوفرة لا بد من ان نذكر بما نبه له الاستراتيجي الاول في امتنا، عندما حذر في اوائل القرن الماضي من مخاطر عدم سيطرة “الامة السورية” على مصادر ثروتها وحدد حدودها الطبيعية بجبال طوروس وزغروس. انه الزعيم أنطون سعاده صاحب الفكر الفذ الذي اغتالته اعداماً السلطات اللبنانية والسورية في 8 تموز 1949.
اليوم في 2020، بعد 71 سنة على رحيله، ما زالت افكاره تشكل القاعدة التي يبنى عليها الانقاذ.
لا يمكن لسوريا والعراق مواجهة التهديد التركي بدون صياغة استراتيجية مائية-اقتصادية متكاملة. هذه الاستراتيجية لا تعني فقط تنسيق المواقف قبل اجتماع اللجنة التقنية للمياه بين الدول الثلاث (هذا اذا اجتمعت) او ‘البكاء‘ و‘الصراخ‘ في مواسم الجفاف بل تتعداها الى رسم خطة اقتصادية قانونية بيئية واعلامية شاملة للدفاع عن وجودنا وحقوقنا المائية.
أهم ما يمكن أن تشمله هذه الخطة ما يلي:
أولا: تمتين الروابط الاقتصادية بين سوريا والعراق ودول المشرق الاخرى عبر زيادة التبادل التجاري والتعاون في مشاريع الطاقة كتطوير خط انابيب النفط بين كركوك وبانياس وطرابلس.
ثانيا: انشاء مجلس اعلى للمياه بين البلدين للاشراف على وضع الخطط وتنفيذها والتفاوض مع تركيا كجسم واحد. هذا المجلس يمكن ان يستعين بكثير من الخبرات السورية والعراقية في الوطن والمهجر وان يشمل عدة لجان تقنية تضع الدراسات القانونية والبيئية والتاريخية والاعلامية التي تدعم القضية.
ثالثا: السعي عبر جامعة الدول العربية لقيام جبهة عربية فعالة للدفاع عن المياه العربية في الهلال الخصيب ووادي النيل، وذلك بربط اي تعاون اقتصادي عربي مع دول المصدر بحل مشكلة المياه. مصر هي الأخرى دولة مصب وهي تواجه نفس مشكلة العراق وسوريا مع دولة المصدر أثيوبيا بالنسبة لسد النهضة لذلك فالتنسيق والتحالف معها يخدم مصالح مصر ودول الهلال الخصيب.
رابعا: السعي بجدية للتوصل الى اتفاق على قسمة المياه والموارد الطبيعية الاخرى داخل العراق. ان معظم روافد دجلة (الزاب الاكبر والزاب الاصغر وديالة) تمر في شمال شرق العراق، وبناء اقليم كردستان السدود العملاقة كسد بخمة الذي يخزن أكثر من 10 مليار م3 من الزاب الأكبر قبل التوصل الى قانون لتوزيع المياه قد يؤدي الى صراع عرقي طويل على الفُتات. قد يكون التوصل الى اتفاق صعب المنال لكثرة التدخلات الخارجية لكن ربما يُكتب له النجاح اذا ادرك الجميع وخاصة الاكراد ان البترول والغاز سينضبان خلال 50 سنة والصراع العرقي اذا حصل سيستنزف الجميع وبدون المياه لن يدوم شيء.
خامسا: البدء بحملة اعلامية كبيرة في دول المشرق لتوعية الشعب على المخاطر المحدقة به في حال موت دجلة والفرات. كذلك يجب التصدي لبعض التفاسير المغرضة للاحاديث النبوية التي تجعل الشعب يعتبر موت الفرات ودجلة ارادة الهية ولا يمكن التصدي لها. من هذه الاحاديث قول أبي هريرة: ” قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يحسِر الفرات عن جبل من ذهب))”
سادساَ: التعاون مع الجمعيات البيئية والاجتماعية العالمية التي تعارض المشاريع التركية على دجلة. هذه الجمعيات استطاعت ان تضغط على حكوماتها الاوروبية لقطع الدعم المادي عن مشروع اليسو فأوقف الاتحاد الاوروبي التمويل وجُمد العمل فيه منذ في 2008 كما ذكرنا سابقا لذلك يجب ان لا يستهان بقدراتها التجييرية.
سابعاَ: الاستشمار بالطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والهوائية داخليا والابتعاد تدريجيا عن استعمال السدود لتوليد الطاقة واستعمال المياه للري والحاجات الانسانية فقط. توليد الطاقة يتطلب إطلاق مياه السد في مواعيد لا تتناسب بالضرورة مع متطلبات الري وقد يؤدي ذلك الى هدر للمياه. دول الخليح واسرائيل بدأت تستثمر في الطاقة الشمسية الآن، وسوريا والعراق يمكن ان يفعلا الشيئ ذاته فالمساحات الشاسعة والمناخ الحار يجعلان هذه الطاقة بديلاً عملياً للمياه واستثمار مربح على المدى البعيد.
ثامناَ: تحذير ومقاطعة الشركات الهندسية والبنوك الدولية اذا شاركت باي من المشاريع المائية غير المتفق عليها بين الدول المتشاطئة حسب القانون الدولي.
تاسعاَ: ربط التبادل التجاري مع تركيا بحل مشكلة المياه فليس من المنطق ان يتهجر شعبنا ويخسر اقتصادنا ملايين الدولارات بسبب قلة الماء ونكافئ الجاني بفتح اسواقنا له ليجني المليارات كل عام. عدم ربط التبادل التجاري بالأمن المائي، يشبه الى حد كبير ما فعلته السلطة الفلسطينية وعرب ما يسمى “الاعتدال” مع اسرائيل عندما قدموا التنازلات وتوقعوا بالمقابل ان تترحم اسرائيل وأميركا عليهم فتعيد الحقوق الفلسطينية المسلوبة، لكن الامور تدهورت عاماً بعد عام الى ان وصلنا الى صفقة القرن.
عاشراَ: حث الأمم المتحدة على القيام بدراسة ‘حيادية‘ حول ظاهرة وقوع الزلازل في منطقة جنوب شرقي تركيا، ومدى تأثير ذلك علـى سدود الميـاه المقامة فيها. أيضا يجب الضغط على الجانب التركي على عدم القيـام بـإملاء سد أليسو واتاتوك وغيرهما بكامل طاقتهم التخزينية قبل إتمام الأمم المتحدة لدراستها، وذلك خوفاً من إحتمـال تعرضـها لزلزال قوي قد يؤدي على الأرجح، حسب الخبراء، الى انهيارات وتصدعات في السدود وتكون عواقبها وخيمة على العراق (24).
احد عشر: اذا استمر الاتراك ببناء السدود وخاصة سد جزرة القاتل للعراق واستمر التعنت التركي برفض توقيع اي اتفاقات تلزمها على المدى البعيد، فلا بد من تقديم شكوى الى المؤسسات الدولية كمحكمة العدل الدولية ومجلس الامن. ان توصيات مؤتمر” استعمال المياه الدولية لغير الملاحة” الذي صدقت عليه الامم المتحدة في 2014 تدعو للتوزيع العادل للمياه وعدم قيام اي دولة باي مشاريع مائية تسبب الاذى بدول النهرالاخرى. الكاتب والباحث العراقي علاء اللامي تساءل بدهشة عن سبب عدم استعمال العراق لهذه الاتفاقية التي هي مئة بالمئة لصالحة وقال: ” أن هذه الاتفاقية الدولية النافذة تعتبر وبحق سلاحا فعالا ومرجعية رصينة وقوية يمكن للدولة العراقية استعمالها والاستناد إليها في دفاعها عن حقوق العراق المائية ومصالحة الحيوية والتي بلغت اليوم خيار الحياة أو الموت بالنسبة لشعب العراق” (17).
اثنا عشر: اذا لم نتفع كل هذه الخطوات فلن يكون للعراق وسوريا أي خيار غير قطع العلاقات بشكل كامل مع تركيا واعتبارها عدواً وبذلك استخدام الدولة والشعب لكل الوسائل المتاحة وعدم استثناء أي خيار مهما كان صعبا للدفاع عن الحضارة والتاريخ والوجود والمستقبل.
أمامنا فرصة وربما الاخيرة لمواجهة هذه الخطر الوجودي فإذا لم نكن بمستوى المسؤولية ونواجه شريعة الـ”غاب” التركية موحدين فنحن قادمون على مشاهد كثيرة من “الصيف الجاف” يتناحر فيها شعبنا على الفتات. هذا وعلى المدى البعيد سيؤدي الى نكبة لشعبنا في الشرق العراقي شبيهة بنكبة شعبنا في الجنوب الفلسطيني، وسيتحول هلالنا الخصيب الى هلال نضيب، يصبح فيه العراق واجزاء كبيرة من سورية امتداداً لصحراء الجزيرة العربية.
هذه ليست اقوالاً للترهيب، ففي تقريرين منفصلين للمنظمة الدولية للبحوث ولمنظمة المياه الاوروبية هذا العام استنتجوا فيهما موت نهري دجلة والفرات في العراق في العام 2040 بسبب السدود التركية (15). كذلك فالعالم الياباني، أكيو كيتوه، من معهد متيولوجيكل للابحاث في اليابان، الذي يدرس تحولات الطقس وتأثير السدود التركية، توقع زوال “الهلال الخصيب القديم” في هذا القرن “والعملية قد بدأت” (16).
————————————————————————————————————————-
ملاحظة: هذا البحث كان قد وضعه سابقاً الباحث راجي سعد، تحت عنوان: من هلال خصيب إلى هلال نضيب، ثم عاد وحدّث معطياته مشكوراً لنشره على منصّة سيرجيل,
Water Of Life? Are those pictures representing same divine symbol?
Posted by: adonis49 on: March 6, 2018
Water Of Life? Mother worshiping
Hovig Vartabedian shared his post. 18 hrs · January 4, 2017 ·

On the advise of Ea ”Enki ”Ha_ya”, takes water from the “mouth of the twin rivers”
Mouth of the Twin Rivers = Mount Ararat. (Euphrates and Tigris?)
It has been suggested that etymologically Ea comes from the term *hyy (life), referring to Enki’s waters as life giving. He was the deity of crafts mischief; water, seawater, lake-water
Aya (Haya), the mother goddess
Aya (in Armenian language aya means great grandmother) was the mother of chastity, as well as the benefactress of the whole human race.
Through her the Armenian land exists, from her it draws its life; she is the glory of our nation and its protectress, and for her the ancient Armenians felt intense love and adoration. One of her symbols is water…
In ancient times the Armenians felt a certain veneration towards water in motion, which they fear to pollute. Many rivers and springs were sacred, and endowed with beneficent virtues.
The sources of the Euphrates and Tigris received and still receive worship. Sacred cities were built around the river Araxes and its tributaries. Even now there are many sacred springs with healing power, usually called “the springs of light”.
Aya is Mother Earth, Great Grandmother who in time transformed into Haya.
Some people don’t want to accept it because they think it will return us to matriarchy and the women will rule the men but the case is that it had nothing to do with matriarchy but it had a lot to do with mother worshiping.
The symbol of eye is pure feminine symbol which was worshiped by the men too. Eye in Armenian means akn.
Originally, akn (that famous eye) was the symbol of female organ which gives the birth (a kid, a new life) like ankh (ankh – kyankh (life in Armenian) was the symbol of life for the Egyptians or the so-called fish symbol for the early Christians, they were all mother worshipers.
The symbol of eye has more ancient roots: it symbolizes the birth origin, feminine derivation and principle.
In Armenian language AK(N) can be translated as a wellspring (Ակնաղբյուր), eye and it’s connected with the source (աղբյուր, սկզբնաղբյուր, ակունք, սկզբնապատճառ, սկիզբ, ակնաղբյուր), headwaters (ակունք, սկիզբ, ջրի մակերեվույթ), outfall (ակունք, գետաբերան, սկիզբ), outflow (ակունք, արտահոսում, սկիզբ).
Anything connected with a DOT IN A CIRCLE is AKN in Armenian: AK(N) of a mill, a hive, a toner, a cart (Ջրաղացի ակն, Փեթակի ակն, Թոնրի ակն, սայլի ակն) and so on….
AK(N) is a part of both the Sun (AregaAk) and the Moon (LusneAk), (ԱրեգԱկ, ԼուսնեԱկ)…
In Armenian we have a number of sayings with AKN.
Some nomadic tribes who conquered the Armenian highland and took almost everything, changed the meaning of Aya, made it dominant matriarchal and started using according to their way of thinking: mainly as an erotic source.
But the Armenians who have always had respect towards their women, daughters always worship their mothers. They believed that the Mother is the beacon of light, of family. And they have worshiped their mothers who give life to them and their wives who give life to their children.
That was the part of holy laws originated in the Armenian highland and have been the part of Armenian heritage.
The letter H is very important for the Armenians, it’s the sound which comes from the lungs when you breathe in or breathe out.
I think Aya became Haya with the first breathe, the transformation of the nature into a human being.
Lions and lionesses ancient Empires: Fighting it out along the Fertile Crescent (Near East)
Posted by: adonis49 on: September 19, 2008
Lions and lionesses along the Fertile Crescent ancient Empires, (August 16, 2008)
Major civilizations built empires and cities along major rivers such as the Nile, Euphrates, Tiger, Indus (Pakistan), Ganges (India), and the Yellow River in China.
The best approach to explaining the succession of civilizations and Empires in the Fertile Crescent that raided and conquered the Near East civilizations such as in Lebanon, Palestine and Syria (Phoenicia, Canaan, Aram) is the analogy of survival among the lions and lionesses.
Young lions that attained two years, after being chased out of the clan, prowl the region for lionesses to mate and establish clans of their own.
Old lions are attacked and displaced and the cubs are eaten and slaughtered by the new King in order to quickly attract the lioness in heat and then new progenitors are formed. The lioness fights valiantly to preserve her cubs but ends up giving up. Since a lion lives on average to be 10 year-old, while the lioness can outlive him by 7 years and manages to diffuse many progenitors of her owns, then the survival of these mammal carnivores is mainly due to the survival of the lionesses. The lionesses chase and bring meat to the clan and care for the cubs.
Almost all the ancient civilizations in the Middle East, the Nile River of Egypt excluded, were established along the Fertile Crescent longing the main Rivers of Litany, Al Assi, Euphrates and the Tiger (for example, the people inhabiting Lebanon, Syria, the southern part of Turkey, the Western part of Iran and Iraq). The warrior Empires were Sumer, Akkad, Babylon, Assyria, Persia, Pharaonic Egypt, Hittite, Greek, Seleucia, Roman, and later Byzantium, Sassanid, Arab (Umayyad, Abbasid, Fatimid), Seljuk, Crusaders, Mamelukes, and Ottomans.
The young male lions from emerging warrior Empires, during their conquests and expansion, reclaimed the civilized glory and achievements of the Near East people as their own proper. The Near East people were constantly behaving like the lionesses: they first fight the good fight for their cubs, and when they inevitably fail against the young lions, then they mate with the conquerors after the invaders had tried to kill all their progenitors.
A few citizens of City-States like Sidon and Tyr, and much later Carthage, burned down their cities and then set fire on themselves to avoid servitude and surrender. While the young occupying lions were strutting and showing off in the regions, and adapting to the new civilizations, it was the constant duty of the lionesses to chase and bring the meat to the table and care for the household.
The Near East people were bringing the food to the tables of the invaders and caring for the glamour and wants of the occupation forces, whose sole job was to making war and killing on their war paths.
I read chapters from an Arabic book by Georges Masrou3a. Masrou3a asked an archeologist about the Achmoun Temple in Sidon “Saida”, built around 550 BC. The foreign archeolog replied that it was a Persian design from King Kourush One period. Masrou3a then asked the archeologist why he claimed that it is Persian, and the latter said because that is what the archeology archives claim to be.
Fact is, Persia had no such Temple at Kourush’s time; even if the Persian King paid for the monuments and palaces at the expense of the invaded people, that should not be a basis to claim achievements of other civilizations.
This is the same repeat story with the temples in Baalbek. The archeologists would claim that it was the work of the Romans since 200 BC, but if this monument was of Roman style and glory, then why the Romans failed to build something close to it in Rome or in Italy?
We have the same contentions for the impressive horse track and humongous amphitheater in Tyr (500 by 200 meters) that was built before 500 BC according to Herodotus. If this amphitheater was the work and style of the Romans, then why did the Roman wait another three centuries to build their Coliseum?
The same goes to the Jerusalem Temple even though the architects, builders and foramen and craftsmen and master workers were from Tyre during King Hiram or “Ahiram”.
Euclid, Zeno, Plotin, Tales, Homer, Pythagoras and scores of great thinkers were born and lived in our coastal City-States stretching from Palestine to Turkey such as Akka, Tyr, Sidon (called the eldest son of Canaan in the Bible), Beirut, Byblos, Ugarit, Antakya, and so on and yet they were labeled as Greeks.
Is it simply because we were under Greek dominion that our famous thinkers should be Greeks, simply because they learned the Greek language, even if they didn’t enjoy the privileges of Greek Athens citizens? Scores of our famous people were labeled Romans simply because we were under Roman hegemony.
For example, the eminent legal masters during the third century Papinian and Olympian lived in Beyrouth (Beryt); Olympian is indeed the martyr of jurists because he adamantly refused to offer a legal opinion in favor of Emperor Caracalla for killing of his brother Jetta. If this is the case, then why Jesus is to be simply a Jew and not Roman? St. Paul was actually a Roman citizen inherited from his father and great father and yet, Paul is said to be simply a Jew.
There is undoubtedly a systematic disinformation concerning the cultural heritage of the Near Eastern civilizations.
The Europeans, even before the Renaissance period, purposely have chosen to start their civilization from Ancient Greek in 600 BC because they claimed to be democratic nations and had to emulate the democratic system in Greek City-State Athens. Democracy was developed in the City-States of Byblos, Sidon, Tyr, Ugarit and Mary several centuries before Athens existed. These City-States had democracy within their city limits as Athens and Rome emulated later on. Why within city-State limits? Because communication and transport were limited and the administration of such a complex democratic system was not feasible at a larger magnitude at the time; thus democracy was not translated to the colonies as Greek Athens also failed to do.
Theaters and plays, via their verbal communications, were the main medium for spreading democracy and the clashing of ideas of various opposition groups; plays created a citizen consciousness that is different from immediate civic consciousness of oratorical speeches. The Near Eastern civilizations were ahead of Athens several centuries in theater plays; Athens got the attention because a few of its written literatures were preserved and translated. For example, Aeschylus wrote over 90 works but only seven of his tragedies remained to prove the dynamics of Athens’ democratic system.
Although these City-States developed commercial empires, they never built theocratic warrior Empires because their citizens focused on civilized endeavors and opted in armed struggles to just defending their central Cities. Athens managed to defend its civilization outside its City limits and even asked the cooperation of other Greek City-States like Sparta and the famous Thebes that the Phoenicians had built centuries before Athens existed, and which Alexander erased completely before launching his Asian campaign.
We can confirm that the Near East region was the bedrock of all civilizations of the Mediterranean Sea in religion, philosophy, sciences, literature and arts. Regardless of genetic sources, which are an amalgamation of many nations and which is not that important for the purpose of this article, anyone from current States in the Near East should take pride in their ancient civilizations and their original identity as the forefathers of contemporary modern democratic civilizations in Europe and the Greater Mediterranean Sea regions.
Note 1: Many USA and Western diplomats have described Lebanon during its civil war (1975-1991) as a special quarantine area, sustained by the super powers to retaining the quarantine, in order to prevent the spread of the Middle East social and political diseases of feudalism, sectarianism, tribalism, caste systems, and extremist ideologies in the Arabic and Islamic States to the surrounding and eventually the Western nations.
These diplomats failed to add the disease of apartheid which is the trademark of the State of Israel. This quarantine lasted for more than 17 years and in the meanwhile the USA administrations in the 80’s and 90’s created, financed and trained a potent disease in Afghanistan.
Note 2: Every stated rescue mission to Lebanon was not meant for the stability and security of the Lebanese people, but for the purpose of larger strategic geopolitical interests in the Middle East with the land of Lebanon as a staging base. It is the Lebanese who encouraged the other nations to look at them, not as a Nation, but anonymous people living on a piece of land that the UN admitted among the “independent” States.
This is so because all the successive Lebanese governments never behaved as administering a Nation, but as fief hoods for sectarian leaders who rule over modern serfs. Even after an unimaginably lengthy and terrible civil war, which lasted 17 years, every single monster of war-lord was pardoned by a decree from the Parliament and the ferocious sectarian leaders were inducted into the successive governments and Parliaments.
Note 3: Arnold Toynbee said that for certain people, history necessarily repeat itself because they are lazy students. Most probably, it seems that history repeats itself because philosophical concepts or paradigms on life, death, the nature of Gods, free will, predestination keep repeating themselves.
The Lebanese certainly are not very hot on archiving their history and even less on reading and revisiting their past: we have the tendency to say that what is past is past and we don’t care but for the present, and how to live a good life. This saying is true for the public consumption because, on the individual level, family feuds never vanish or are forgotten, or forgiven: Grandchildren still hate the grandchildren of another family simply because they overheard that their grand-grand parents were in feud.
Lebanon and Palestine have suffered the same calamities of past history again and again. These two States might never had chance for lasting peace and stability. Syria could have fallen in the same trap because it was seriously targeted by the super powers if this dictatorship in Syria didn’t manage to re-read its history and learn from past adversities at the expense of democracy. Syria never managed to bed with theocratic systems, except Damascus.
In ancient history, the City-States in “inland Syria” barely put a fight to a powerful invader, as if it learned to normally change skins and share in the dominion of the new Empire that displaced the former, as if Syria believed it was actually the new invader.
Note 4: At the current rate of modernization and deforestation, most of the aborigines tribes would disappear within a few decades. Many civilizations have vanished but a few have managed to survive precariously so far. Currently we still have the ethnic Saamis (Norway and Finland), Inuits (Siberia, Alaska, and Canada), Ainous (Japan), Indians (USA and Canada), Zapotec (Mexico), Mosquitos (Nicaragua), Quiches (Guatemala), Cunas (Panama), Yanomamis and Guaranis (Brazil), Galibis and Akawaios (Guyana), Paez ans Guambianos (Colombia), Waoranis (Equator), Amueshas (Peru), Chimanes (Bolivia), Araucans (Chili), Touaregs and Bororos (Sahel in Northern Africa), Tigres (Ethiopia and Somalia), Dinkas (Sudan), Masais (Kenya and Tanzania), Pygmees (Zaire), Sans or Bushmen (Namibia and Botswana), Kalingas (Philippines), Kachins and Rohingas (Myanmar or Birmani), Hmongs (Laos), Santals and Gonds (India), Punans (Malaysia), Uzbeks and Tadjiks (Afghanistan), Aborigines (Australia), Maoris (New Zealand), Papous (New Guinea).