Adonis Diaries

ما بستحي قول انو استيعابي بطيء ببعض الأحيان.

بتصير لما اسمع بخبر بيصدم، أو لما حدا من اللي بحبهم بينأذى.

من يومين صديقي Georges Azar انضرب بعنف قدام وزارة الطاقة، أخدوه شباب على غرفة جانبية وضربوه. مش أول مرة بينضربوا المتظاهرين بس ما بعرف لي هالمرة ما قدرت استوعب.

من أول ما بلشت تظاهرات ال ٢٠١٥، تعرفت عجورج من خلال صفحة بدنا نحاسب.

التقينا وقتها ب Le Mall وكنا عم نفكر ننظم عرض لفيلمي “عندما يأتي الظلام“، عن الكهربا بلبنان.
بعد ٥ سنين من هاللقاء، كتير اشيا تغيرت، بدنا نحاسب وقفت، Le Mall بسن الفيل سكر، نسينا موضوع عرض الفيلم، الكهربا بعدها وضعها لورا بس أنا وجورج صرنا أحلى أصدقاء.

لما حكيت جورج عالتلفون بنفس النهار قلي “مش زعلان الا انو شباب متل اخوتي ضربوني هالضرب كلو، وكرمال مين ودفاعا عن مين؟”.

أنا كمان انضربت مرة بساحة الثورة، كنت عم صوّر بكاميرتي مجموعة شباب نزلوا دفاعا عن زعيمهم.

ما تسألوني كيف لقيت حالي مندسة بيناتهم وبيطّلع فيي شب عشريني جميل وبقلي “نحنا وانتو واحد”.

اضحكتله من قلبي وبلشت اتحدث معه، وسألته سؤال يبدو استفز شب تاني، بقرّب، بيمسكلي ايدي وبيبرمها وبيكسر الكاميرا.

الكاميرا ضلت تشتغل وإيدي بعدها لليوم بتوجعني. وكل ما توجعني بسأل نفس السؤال اللي سأله جورج. مين اللي عم يضرب وكرمال مين.

ما بعرف شو هالصدفة إنو بنفس الأسبوع اللي انضرب فيه جورج، ينضرب Bachir Abou Zeid وبهالهمجية. وبيطلع مين يقلك ثورة سرقها الزعران.

خليني قلك مين هني هالزعران.

جورج إنسان راقي، مهذب، محترم، وما بيأذي نملة، محب، ومكرس أغلب وقته للقضايا المطلبية المحقة وليحاول يكون في بالبلد عدالة اجتماعية. حتى على صعيد شغله اللي بعيش منه، جورج مهندس وبيشتغل بالطاقة البديلة.

فيني أعطي مثل بسيط، جورج ركبلنا بالبيت طاقة شمسية، ومكنة بتكرر المي، وفلتر بحوّل مياه الاستعمال لمياه صالحة للشرب. وكلهم ماشيين وشغالين ووفروا علينا فاتورة كهربا وخففوا علينا شراية غالونات مية شرب.

أكيد انا بوثق بأخلاق وكفاءة جورج أكتر ما بوثق باللي إلهم ٣٠ سنة حاكمين البلد أو ١٥ سنة وما حاسبوا فيها ولا فاسد ومن أكبر إنجازاتهم لليوم سد مياه بيعبى التنين وبيفضى الخميس.

للأمانة بشير أبو زيد ما بعرفه شخصيا. بعرف إنو قضى إيام وليالي ليطلّع جريدة بتحكي نبض الثورة.

بشير ضوى شمعة بالوقت اللي البلد كله عايش عالعتمة. بس بشير قرر يلعن الظلام متل ما جورج نزل يلعن الظلام عوزارة الطاقة.

كل الوقت بقول غريبة قدرة الإنسان على التأقلم. كيف قدرنا نتأقلم مع وضعنا المزري، ونسكت عن كل الظلم اللي عايشينه. وبيطلع ناس يضربوا اللي قرر يقول لا للظلم ولا للظلام.

بفيلمي “عندما يأتي الظلام” بتخبرنا الحجة “نور الهدى” (اسمها نور وقصتها تراجيدية مع العتمة) كيف توفى زوجها بليلة كانت الكهربا عالموتور وما قلعت مكنة الأوكسيجين لانو مشتركة بأمبير واحد. بتقولها الحجة بكل بساطة وبكتير أسى: “ما قلعت المكنة، وإجته المنية… الكهربا بتلعب دور”.

كمان بهيدا الفيلم أخذني وقت لإستوعب انو الكهربا بلبنان مسؤولة عن أكتر من نصف الدين العام.

اليوم البلد مأفلس، ومحجوز عأموال العالم وشقى عمرها لأنو البنوك قررت تديّن مصريات الناس لدولة صرفت نصهم على صفقات فيول مغشوش وغيره… والنتيجة البلد بعده عالعتمة..

والنتيجة بيطلع مين يقول ثورة سرقها الزعران…

وبيطلع مين يضربك لأنو قلت “طفوا قدام بيت بري وضووا بيوت الناس”

أو لأنو تظاهرت بوزارة الطاقة وطالبت بالتحقيق بملف الفساد بالكهرباء.

كل ما اتذكر الشاب اللي ضربني بالساحة، بغضب وبحزن، بس برجع بتذكر الشاب التاني اللي ضحكلي من قلبه وقلي “نحنا وانتو واحد”. صحيح نحنا وانتو واحد، أكيد… بس لأيمتى رح تخلي الزعيم بيني وبينك؟

أعيد وبتصرف: طفوا بيوت الزعما كلهم وضووا بيت نور
الهدى وبيوت كل الناس.
#لبنان_ينتفض
#الثورة_مستمرة